الجمعة، 31 مايو 2013

المعنى الأسطورى لرحلة الشمس فى عصر الدولة الحديثة

المعنى الأسطوري لرحلة الشمس فى عصر الدولة الحديثة
By Ahmed Faheem in 


............................... صاغ كهنة طيبة فى عصر الدولة الحديثة تصورات فكرية متعددة عن مسار الشمس الكونى و سجلوا تفاصيل هذا المسار على جدران مقابر وادى الملوك ، فاتجهوا نحو تصوير إله الشمس ( رع ) فى رحلتين على متن قاربين : الأولى نهارية تبحر فى عالم سماوى و الأخرى ليلية تجرى فى عالم سفلى . و إتجه أنصار الفكر الشمسى فى طيبة إلى تمييز كل مرحلة من مراحل مسار الشمس بمعنى دينى محدد ، فكانت ولادة رع من جوف السماء فى الصباح الباكر تعنى ولادته من رحم أمه الإلهة ( نوت ) حتى يضىء الدنيا بأكملها ثم صورته المتون الشمسية فى هيئة طفل وليد يحتاج للرضاعة من قبل الإلهات المرضعات و ماأن لبث شابا ، حتى إعتلى عرش مصر فأصبح حاكما عليها الأمر الذى إستوجب الإحتفالات فى البلاد بأكملها ، فهلل و صفق له البشر و الآلهة .

كما أشارت متون هذه الرحلة إلى مواجهة كونية تتم بين ( رع ) ذاته و عدو مجسد فى هيئة ثعبان يدعى ( عبب ) يعمل على إعاقة مركب الشمس فى رحلتيها النهارية و الليلية ، فيشترك كل من الآلهة و الآلهات المصاحبة لرع فى القضاء على ذلك الثعبان ، فهو يجسد عنصرين : 1 - خطر كونى يكمن فى توقف حركة الزمن مما يعنى القضاء على الكون . 2 - ( عبب ) هو أصل الشر و الأخطاء التى يقضى عليها ( رع ) بنفسه .

تنتهى هذه الرحلة النهارية بعودة ( رع ) مرة أخرى إلى رحم أمه الإلهة ( نوت ) فيستبدل قاربه النهارى ( معنجت ) بقارب أخرى ( مسكتت ) و يتم رحلته الليلية الأخروية فى عالم سفلى و صفته النصوص بأنه عالم ماقبل الخلق حيث يهيمن فيه عنصران : الظلام و المياه الأزلية الأولى ( نون ) . إن هبوط رع إلى ذلك العالم لا يعنى سوى موته المؤقت أو بمعنى أدق كمون و توقف فعاليات الشمس عن أداء دورها فى عالم النهار و لو إلى حين حتى صباح اليوم التالى . و عندما يقتحم عالم مملكة الموتى السفلى فإنه يباشر وظيفته هناك كحاكم تماما مثلما كان يؤديها فى دنياه النهارية . و ينبغى لنا أن نشير إلى حقيقة ثابتة : إن هبوط ( رع ) إلى تلك المملكة لم يكن أمرا إعتباطيا ، بل كان يهدف إلى تجديد هيئة و دورة الشمس ذاتها فى العالم السفلى ، فالموت هو جزء من الحياة طبقا لمقتضيات العقيدة المصرية القديمة ، و هناك يظهر ( رع ) ك ( با ) بمعنى روح و يتحد و يتحد بجسده الميت الذى لم يكن سوى الإله ( أوزير ) و من هنا يعود ( أوزير ) إلى الحياة من جديد فى عالمه السفلى ، و أخيرا تنتهى الرحلة الشمسية الليلية بإنتصار الشمس على جميع أعدائها و ولادتها من جديد فى الصباح . نستشف مما سبق أن و ظيفة معبود الشمس ( رع ) من خلال رحلتيه الكونيتين تعكس دور الملك سياسيا على أرض مصر ، فالأحداث الكونية للشمس تتطابقمع الأحداث الأرضية التى يقوم بها الملك على الأرض ، فإنتصار الشمس على أعدائها يعنى عدد من الأمور الهامة و هى : 1 - إنتصار ( النظام الملكى ) على ( الفوضى المدمرة ) التى يسببها أعداء مصر .

2 - تغلب ( الخير ) على ( الشر ) ، فتتم مقاضاة الشر من خلال محاكمة أخروية أوزيرية مما يؤدى إلى إنتصار الخير ، أو بمعنى أدق ينتصر ( رع ) فينتشر ( الضياء ) فى العالم و يقضى على ( الظلام ) ، فالضياء هو ( الخير ) و الظلام هو ( الشر ) ، فيصبح العالم بأكمله بعد أن كان له قيمتين هما ( الخير و الشر ) ، ذو قيمة واحدة سائدة و هى ( الخير ) و هذا يعنى أنه أصبح قابلا للإستقرار و السكن و المعيشة .

3 - إنتصار إله الشمس بصفته ملك مصر يعنى أن الحاكم لايقول و لايفعل إلا الحق ، فتستقر ملكيته الدنيوية و الأخروية إلى الأبد و يستقر معها النظام الكونى .

4 - انتظام المسار الشمسى يؤدى إلى تأدية الملك لدوره الأخطر على الإطلاق تجاه شعب مصر و هو : ضمان التموين الغذائى للجميع ، فلا تحدث أزمات أو مجاعات .

5 - إن سلامة المسار الشمسى تؤدى إلى تسيد و هيمنة حب البشر لبعضهم البعض مما يساعد على خلق علاقات إجتماعية طيبة بين شعب مصر فلا وجود للقتل أو الكذب أو البغض

6 - أما المعنى الدينى فيكمن فى تغلب الشمس على موتها المؤقت و إعادة ولادتها من جديد مما يجعل مسارها نموذجا و هدفا لجميع المصريين ، فيتمنون لو يتحدوا بها أو يشاركوها فى رحلتها على أقل تقدير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق