الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

حقيقة الصراع بين الملكة حتشبسوت و الملك تحتمس الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم

( حقيقة الصراع بين الملكة حتشبسوت و الملك تحتمس الثالث )

يتناول الدارس واحدة من أهم القضايا السياسية لعصر الأسرة الثامنة عشرة و التى شغلت العديد من علماء المصريات لفترة طويلة من الزمن و لا يزال البحث العلمى يشق مجراه ، و لاريب أن أهم إشكاليات تلك الأسرة ما تصوره عدد كبير من الدارسين من وجود صراع بين الملكة ( حتشبسوت ) و الملك ( تحتمس الثالث ) مما أفضى إلى إلغاء و محو أسماء و مناظر الملكة من جدران المعابد التى صورتها كحاكم لمصر العليا و السفلى و ذلك بإيعاز من الملك ( تحتمس الثالث ) إلى رجاله بعد أن ألقت به فى دائرة الظل و أبعدته عن ممارسة حقه الطبيعى كملك متوج على عرش البلاد . و لا تسعى هذه الدراسة إلى دحض و نقض كل ما هو معروف تاريخيا عن تلك الفترة ، فالبحث العلمى الجاد لا يهدم و لاينقض ما هو مثبت لدينا من خلال الآثار ، و لكن يحاول الدارس هنا أن يتناول هذه القضية برؤية أثرية جديدة من خلال ما استجد على الساحة العلمية من مقالات و دراسات و معطيات و إكتشافات أثرية جديدة منطلقا من منهجية و أدوات البحث العلمى الجاد و المحايد الذى لا يعترف بوجود مسلمات فكرية أو تاريخية لمجرد أنها متداولة أو شائعة فى مصادر علمية عديدة فلما تقادم عليها الزمن أصبحت من الحقائق المطلقة التى لا تقبل التغيير أو النقاش و هذا بالتأكيد يخالف أدوات البحث العلمى الحر المنطلق و المتقيد دائما بشروط و أدوات علم المصريات و يقر الدارس هنا أن النتيجة التى وقرت فى عقله لم يكن هو أول من توصل إليها بل سبقه فى ذلك من هم أفضل منه علميا حيث تناولوا هذا الموضوع فى أكثر من دراسة أو مقالة و منهم على سبيل المثال لا الحصر : أسمان و إريك هورنونج و دوروتيا أرنولد و حسن نصر الدين و جاب الله .
و نبدأ هنا بطرح التساؤل التالي : هل كان هناك صراع فعلى بين الملكة ( حتشبسوت ) و الملك ( تحتمس الثالث ) ؟ أو هل أصدر الملك ( تحتمس الثالث ) أوامره إلى رجاله لكى يقوموا بكشط أسماء و ألقاب و مناظر الملكة ( حتشبسوت ) من على جدران المعابد المصرية ؟
فى بادىء الأمر ينبغى لنا أن نستعرض بشكل سريع الجذر العائلى لكلا من ( حتشبسوت ) و ( تحتمس الثالث ) حتى نفهم ماهية العلاقة التى كانت بينهما . و نبدأ بالملك ( أمنحوتب الأول ) الذى رتب أموره لكى يخلفه على العرش إبنه و وريثه الشرعى ( أمنمحات ) حيث كان ينحدر من زوجة رئيسية إلا أن وفاته المفاجئة ( و هى ظاهرة متكررة فى هذه الأسرة ! ) جعلت إبنه الثانى ( تحوتمس الأول ، يتولى زمام الأمور و لكونه منحدرا من زوجة ثانوية ، فقد ثبت شرعية توليه العرش بزواجه من الأميرة ( أحمس ) أخت ( أمنحتب الأول ) و أنجب منها بنتا هى ( حتشبسوت ) و ولدا هو ( آمون مس ) الذى لم يتولى العرش نظرا لوفاته المبكرة . و من جانب آخر تزوج الملك ( تحتمس الأول ) أيضا من إحدى محظيات القصر الملكى و هى ( موت نفرت ) التى أنجبت له الملك ( تحوتمس الثانى ) الذى كان أخ غير شقيق للأميرة ( حتشبسوت ) و التى تحمل الدم الملكى النقى و من هنا كان زواجه منها ضروريا للحفاظ على العرش داخل البيت المالك و شاءت الأقدار أن لا يثمر هذا الزواج عن وريث ذكر ، بل أنجب منها إبنة وحيدة هى الأميرة ( نفرو رع ) التى زوجتها أمها على ما يبدو من الأمير ( تحتمس الثالث ) إبن زوجها ( تحتمس الثانى ) من إحدى المحظيات التى تدعى ( إيزيس ) .
و يرى البعض أن الملك ( تحتمس الثانى ) توفى إثر مرض على الأرجح ، و لم يدم حكمه أكثر من أربعة عشر عاما ، و كما نعلم فقد ترك إبنه ( تحوتمس الثالث ) كوريث له و لكنه كان أصغر من أن يتولى مقاليد الحكم و من هنا إضطلعت زوجة ( تحوتمس الثانى ) بالوصاية على العرش و هى الملكة ( حتشبسوت ) ، و التى كانت أيضا زوجة أب الأمير ( تحوتمس الصغير ) و لذلك يجب أن ننظر إلى ما ورد فى مقبرة (إنينى ) المشرف على مخازن غلال آمون و شغل هذا المنصب منذ عصر ( أمنحوتب الأول ) ، و عندما كان يحكى فيها عن سيرته الذاتية ، وصلنا وصف لهذه الوصاية من خلال السياق التالى :
( ثم صعد الملك إلى السماء – بمعنى توفى - و انضم إلى الآلهة و حل محله إبنه ملكا على الأرضين و صار ملكا على عرش من أنجبه و لكن أخته – أى أخت الملك المتوفى – الزوجة الملكية ( حتشبسوت ) كانت تدير شئون البلاد و تشرف عليها و كانت الأرضان تخضعان لحكمها و تسلم الضرائب لها بعد جبايتها )
و نرى من ذلك النص أن الملك الفعلى من وجهة النظر الرسمية هو ( تحتمس الثالث ) و لكن نظرا لصغر سنه فقد أصبحت زوجة أبيه ( حتشبسوت ) عمليا و واقعيا هى المهيمنة سياسيا على أمور البلاد بإعتبارها الوصية على العرش إلا أنها تخلت عن هذا الأسلوب فى ممارسة الحكم و أعلنت نفسها ملكا فى العام السابع من حكم ( تحتمس الثالث ) ، و إتخذت لنفسها جميع الألقاب الملكية ، و من الناحية الرسمية أصبح ( تحوتمس الثالث ) شريكا لها على العرش و لتبرير ما قامت به ، ابتكرت قصة مشاركتها لأبيها فى الحكم و تجاهلت فترة حكم الملك ( تحوتمس الثانى ) زوجها ، حيث أشارت نصوص و مناظرعهدها أن أبيها قد قام بتقديمها لآلهة مصر كوريثة لعرشه من بعده و هو ما ظهر جليا على جدران معبد الدير البحري و فى العام السادس عشر من الحكم المشترك بينها و بين ( تحتمس الثالث ) إحتفلت و لأول مرة بالعيد الثلاثينى ( الحب سد ) بعد أن أضافت الأعوام الأربعة عشرة لحكم ( تحتمس الثانى ) إلى حكمها و زادت عليها بالأعوام الستة عشرة التى قضتها كشريكة فى الحكم مع ( تحتمس الثالث ) و هكذا أصبحت الظروف مواتية لكى تصل إلى عدد الأعوام الثلاثين اللازمة حتى تحظى بلإجلال و التوقير و المزايا التى يتيحها العيد اليوبيلى العظيم .
فما هى الدوافع التى جعلت الملكة ( حتشبسوت ) لأن تسلك هذه السياسة ؟
......................... و قبل الرد على جميع التساؤلات المتعلقة بهذه القضية لابد أن نشير إلى مناظر المقصورة الحمراء التى شيدتها الملكة ( حتشبسوت ) و كانت تستخدم كمقصورة إستراحة للزورق المقدس للمعبود ( آمون رع ) عند خروجه لعيد الوادى فى البر الغربي و عيد الأوبت فى معبد الأقصر ، حيث قامت البعثة الفرنسية بإكتشافها منذ فترة طويلة فى حشو الصرح الثالث لمعبد الكرنك الذى شيده الملك ( أمنحتب الثالث ) و وضع بداخلها أكثر من أربعة عشر مقصورة لإستراحة الزورق المقدس لآمون و قاموا بترميمها و إعادة تركيبها و هى جميعا معروضة حاليا فى المتحف المفتوح لمعبد الكرنك فنتج عن ذلك مجموعة هامة من الحقائق التى أضافت الكثير و كان من أهمها أن هناك مناظر تجمع بين الملكة ( حتشبسوت ) و الملك ( تحتمس الثالث ) فى طقوس دينية مشتركة و لم يكن ذلك بالأمر الجديد فهى نفذت نفس الفكرة فى معبد الدير البحري و لكن الجديد هنا هم أن أسماء و ألقاب و مناظر ( حتشبسوت ) لم يتم محوها أو كشطها على الإطلاق ! مع الوضع فى الإعتبار أن هذه المقصورة ظلت تحت سيطرة الملك ( تحتمس الثالث ) لفترة طويلة من الزمن و ذلك قبل أن يزيلها من مكانها أمام معبد الدولة الوسطى و يضع بدلا منها مقصورته فى أواخر حكمه و رغم ذلك ظلت المقصورة محتفظة بجميع مناظرها فى حالة جيدة و لذلك و مما تقدم يتبين لنا ما يلي :
1 – أن هذه المقصورة ظلت موضوعة أمام كهنة آمون فى مكان ما داخل الكرنك فى عهود الملوك ( تحتمس الثالث ) و ( أمنحتب الثاني ) و ( تحتمس الرابع ) و ( أمنحتب الثالث ) دون أن يتم أى كشط منظر للملكة ( حتشبسوت ) أو حتى أى لفب من ألقابها الملكية
2 – قام الملك ( أمنحتب الثالث ) بتفكيك هذه المقصورة مع مقاصير أخرى و وضعها جميعا كحشو داخلى للصرح الثالث للكرنك الذى كان الصرح الرئيسي للمعبد فى عهده
3 – لم يكن ما فعله الملك ( أمنحتب الثالث ) تجاه المقصورة الحمراء عملا عدائيا ، فقد قام بعمل ذلك أيضا تجاه مقاصير أسلافه من الملوك الذين حكموا مصر قبله ، فنحن نعلم أن التعديلات المعمارية التى قام بها الملوك فى الكرنك لا تعد و لا تحصى ، فكل ملك قد يزيل منشأة دينية أو أكثر داخل حرم الكرنك بهدف عمل منشآت أخرى أوسع و أشمل من المنشآت السابقة فى إطار توسعة المعبد و إضفاء دلالات دينية جديدة تمجد المعبود ( آمون )
4 – لم يكن ما فعله ( تحتمس الثالث ) تجاه مقصورة ( حتشبسوت ) فى الكرنك عندما أزالها من مكانها دليلا كافيا للقول بأنه أراد أن يمحو ذكراها للأبد فهو هنا لا يخرج عن نفس الإطار الذى كان الملوك جميعهم يتبعونه داخل الكرنك من إزالة منشآت دينية سابقة و وضع بدلا منها منشآت أخرى تؤدى نفس الغرض الدينى و العملى و لكن تزيد أحجامها غالبا عن أحجام المنشآت السابقة ، ألم يزيل الملك ( أمنحتب الثالث ) مقاصير أبيه ( تحتمس الرابع ) من مكانها و وضعها داخل حشو الصرح الثالث ؟ ألم يزيل الملك ( سنوسرت الأول ) ثانى ملوك الأسرة الثانية عشرة معبد الملك ( إنتف الثانى ) الذى ينتمى للأسرة الحادية عشرة بالكامل و شيد بدلا منه معبد آخر من الحجر الجيري و يوجد حاليا فى المكان المعروف بفناء الدولة الوسطى فى الكرنك ؟ ألم يزيل الملك ( تحتمس الثالث ) معبد ( الآخ منو ) القديم بالكامل الذى شيده جده ( أمنحتب الأول ) و شيد بدلا منه ( الآخ منو ) الجديد فى نفس المكان ؟ ألم تزيل الملكة ( حتشبسوت ) معبد جدها ( أمنحتب الأول ) فى الدير البحري و وضعت بدلا منه معبد أضخم حجما و أكثر أهمية فى نفس المكان ؟
5 – نظر البعض إلى ما قام به ( تحتمس الثالث ) تجا مسلتى ( حتشبسوت ) فى الكرنك عندما أخفى المسلتين بأن وضع جدارا حجريا كبيرا حولهما و من جميع الجهات إلا أن ذلك ينافى الحقيقة فقد ثبت لدينا عمليا أن ما تم إخفاؤه هو الجزء السفلى للمسلة فقط أما الجزء العلوى و هو الأكثر إرتفاعا فقد ظل مرئيا غير مخفى و من هنا نجد أن مناظر و أسماء الملكة ( حتشبسوت ) ظلت مرئية حيث يستطيع أى فرد أن يراها و هو يقف أمام الصرح الرابع للكرنك ، أما إخفاء الجزء السفلي للمسلة فقد كان يخضع لأهداف عملية تتعلق بموكب آمون حين خروجه من معبده و الذى كان يستريح مابين المسلتين و كانت مواقع إستراحته تتطلب توفير أكبر كم من الظل المطلوب و حتى لا يقع عليه ضوء الشمس قبل خروجه من معبده أى أن المطلوب هو توفر مظلة توجد عند مدخل المعبد عند الصرح الرابع ( و هو مدخل الكرنك فى عصر تحتمس الثالث ) و قد تكرر أمر هذه المظلة الحجرية فى الكرنك فى أكثر من موضع و أكثر من عصر مما جعل الكهنة فى عصر ( تحتمس الثالث ) لأن يغلقوا الجوانب الحجرية المحيطة بالجزء السفلى لمسلتى ( حتشبسوت ) و حتى لا ينفذ ضوء الشمس داخل المظلة و وضعوا بابين بين جسم كل مسلة و جدارى الصرحين الرابع و الخامس ثم قاموا بإستبدال السقف الخشبي ما بين الصرحين الرابع و الخامس و وضعوا سقفا حجريا حتى لا تنفذ أشعة الشمس فى الموقع الذى ستتوقف عندها مركب آمون و قبل خروجه من الكرنك
6 - لم يعترف عدد كبير من كبار رجال الدولة بسلطة الملكة ( حتشبسوت ) كحاكم مصر العليا و السفلى خلال حياتها فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ( أمنحتب ) كاتب نائب الملك فى كوش قد عمل رسم مبسط للملك ( تحتمس الثالث ) فوق جدار صخري فى العام السادس عشر من حكمه و الذى يوافق العام السادس عشر من الحكم المشترك طبقا للرؤية الرسمية داخل معابد طيبة و التى أصرت على إبرازها الملكة ( حتشبسوت ) و رغم ذلك نجد ( أمنحتب ) يذكر فقط إسم الملك ( تحتمس الثالث ) دون أى ذكر لحتشبسوت معه و قد تكرر هذا الأمر فى أكثر من موضع عند معظم كبار رجال الدولة الذين عاصروا كل ما فعلته داخل المعابد من تتويجها و صعودها على العرش و إبراز ( تحتمس الثالث ) كشريك لها فى الحكم ، فهل ما قامت بفعله داخل المعابد كان يجبر هؤلاء الأفراد على الإعتراف بسلطتها الملكية ؟ و إذا كانت الإجابة بنعم ، فلماذا نندهش من عدم ذكر إسمها فى قائمة الكرنك الملكية التى دونت فى عصر ( تحتمس الثالث ) ؟ و لم يخرج عن هذا الإستثناء سوى رجلين هما : ( سننموت ) المهندس و المربى الملكى و ( حابو سنب ) كبير كهنة آمون فى الكرنك فى عصري ( حتشبسوت )و ( تحتمس الثالث ) اللذين إعترفا بسلطتها الملكية صراحة داخل مقبرتيهما و لذلك عمدت التيارات الفكرية المحافظة فى مصر إلى كشط و محو مناظرهما و أسمائهما من جدران مقبرتيهما فى عصر لاحق
7 – برغم ظهور ( حتشبسوت ) فى جميع مناظرها التى تتعلق بالتتويج و العيد اليوبيلى و رحلة بلاد بونت إلا أنها لم تتجاهل على الإطلاق ( تحتمس الثالث ) و صورته فى مراسيمها و طقوسها الخاصة داخل المعابد مما يعكس إحتمالية أن الضرورة كانت تحتم ذلك و أنها كانت تحاول توضح لشريكها حسن نواياها تجاهه فيما يرى البعض ، أو أنها كانت تشركه فى إقامة الطقوس الدينية و تمرنه على المهام الدينية الملكية فيما يرى البعض الآخر
8 – إحتفظ الملك ( تحتمس الثالث ) بجميع كبار رجال الدولة الذين خدموا فى عصر الملكة ( حتشبسوت ) و لم يعمد أبدا إلى إقالتهم أو تغييرهم بأفراد آخريين الأمر الذى يعنى أنهم كانوا محل ثقته كما كانوا فى عصر ( حتشبسوت )
9 - لم يثبت حتى الآن وجود أى نصوص تقوم بتوجيه طعن و لعن مباشر أو غير مباشر فى عصر الملك ( تحتمس الثالث ) تجاه ( حتشبسوت ) و ما تلاه من عصور الملوك اللاحقين و هى الحالة التى وقعت صراحة فى عصر الرعامسة تجاه الملك ( إخناتون ) من قبل ( سيتى الأول ) و ( رمسيس الثانى ) و هو ما لم يحدث على الإطلاق تجاه ( حتشبسوت )
10 – إن تدمير أسماء و مناظر الملكة ( حتشبسوت ) فى المعابد لم يكن مسئولا عنه ملوك الأسرة الثامنة عشرة ، بل كان مسئولا عنه ( سيتى الأول ) و ( رمسيس الثانى ) فى إطار سياستهم التى إستهلوها تجاه بعض ملوك الأسرة الثامنة عشرة و لا سيما ملوك العمارنة و كذلك الملكة ( حتشبسوت ) التى إعتبروها غير شرعية و لا سيما بعد إكتشاف التعديلات التى قام بها رمسيس الثانى فى الدير البحري حيث قام بإعادة نقش مناظر المعبود ( آمون ) التى كشطها ( إخناتون ) و قام بإلغاء مناظر ( حتشبسوت ) من نفس المعبد حيث ورد ذكر نقوش التعديلات التى أمر بها صراحة على جدران معبد الدير البحري و ترك مناظر ( تحتمس الثالث ) كما هى لم تمس الأمر و قد تكرر ذلك الأمر فى أكثر من معبد من خلال نفس الملك ( رمسيس الثانى ) ، فلما كانت أسماء و مناظر ( حتشبسوت ) تجاور أسماء و مناظر ( تحتمس الثالث ) ظن عدد كبير من دارسي المصريات الأوائل أن الذى قام بذلك هو ( تحتمس الثالث ) و هو النتيجة التى توصلوا إليها قبل إعادة ترميم و تركيب المقصورة الحمراء
11 – لم يكن ما فعله ( رمسيس الثانى ) تجاه ( حتشبسوت ) هو السابقة الأولى ، فقد سبقه فى ذلك الملك ( سيتى الأول ) حيث قام بإلغاء مناظر أسماء الملكة ( حتشبسوت ) من معبد إسطبل عنتر فى المنيا و و ضع بدلا منها أسماءه و ألقابه الشخصية بالإضافة إلى تسجيله لألقاب ( تحتمس الثالث) التى لم تكن منقوشة من قبل و يعتقد البعض أنه بدءا من ذلك العصر تم كشط و محو أسماء الرجال الذين ساعدوها على تبنى فكرة إرتقائها العرش
12 – نجت مناظر المقصورة الحمراء من التدمير كحالة إستثنائية نظرا لأنها كانت من ضمن الحشو الداخلى للصرح الثالث ، فلما جاء ( سيتى الأول ) و ( رمسيس الثانى ) لم يفطنوا إليها
13 – لم يعمد أى ملك لكشط مناظر و أسماء ( حتشبسوت ) طالما ظهرت فى تلك المناظر و الألقاب بصفتها الزوجة الملكية العظمى ، فلم يكن العداء ضد شخصها و إنما كان ضد ظهورها فى المعابد بصفتها ملك مصر العليا و السفلى
14 – لا ريب أن الدوافع التى جعلت الملكة ( حتشبسوت ) تنتهج تلك السياسة لن تخرج عن الهدفين التاليين :
أ - طموح شخصي من الملكة لتصوير ذاتها كملك فى المعابد و أيدها فى ذلك البعض القليل من رجالها المخلصين
ب – المحافظة على العرش الملكى داخل البيت المالك بإصرارها على تصوير ( تحتمس الثالث ) بجوارها فى أكثر المناظر و هى التى تمرنه على إقامة الطقوس الأمر الذى ظهر واضحا فى مناظر المقصورة الحمراء و بعض مناظر الدير البحري و لم يكن فى ذلك أى غرابة فقد كانت الأميرات الملكيات يتعلمن فى القصر الملكى و المعابد منذ صغرهن كيفية إقامة الطقوس بإعتبارهن الزوجات الإلهيات لآمون
15 – تصوير نفسها كملك مصر العليا و السفلى يعنى وجود ضرورة أخذ الشرعية من أبيها طبقا لما تمليه و توجبه الأسطورة الأوزيرية التى تؤكد أن ( حورس ) قام بدفن أبيه ( أوزير) فتولى مراسم و شعائر دفنه ثم توج ملكا على البلاد فقامت بتجسيد ذاتها كحورس و قامت بإعادة دفن أبيها ( تحتمس الأول ) فى مقبرتها بإعتباره ( أوزير ) مما إضطرها لتجاهل زوجها ( تحتمس الثانى ) فى هذا السياق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق