الخميس، 20 يونيو 2013

أضواء جديدة على قيام الوحدة السياسية بين الجنوب و الشمال و نشأة الملكية المصرية - الجزء الرابع


بسم الله الرحمن الرحيم 


أضواء جديدة على قيام الوحدة السياسية بين الجنوب و الشمال و نشأة الملكية المصرية - الجزء الرابع






يسعى الدارس في هذا الجزء بالتحديد نحو تناول قضية الوحدة السياسية من الوجهة الفنية و لاسيما خلال عصر الأسرة صفر أو في الفترة التي بدأ فيها زعماء تلك الفترة في السيطرة السياسية على معظم الأراضي المصرية جنوبا و شمالا و التعبير عن أنفسهم و سلطتهم و كيانهم بشكل بارز . إن الأمر الذي يستلفت النظر هو أن زعماء عصر التوحيد السياسي قد إنتسبوا للمعبود ( حور ) و هناك من يرى أن ذلك هو الدليل على أن منشأهم كان من مدينة نخن ؟ نظرا لأن المعبود الرئيسي الذي تم تقديسه هناك هو الصقر ( حور ) ... و لكن هناك مجموعة من الحقائق التي تحول دون التسليم المطلق بأن هؤلاء الزعماء ينحدرون فعليا من هناك و هي : 
1 – لم تتركز آثار زعماء الأسرة صفر في منطقة نخن وحدها بل أن بعضهم لم نتأكد حتى الآن من إنتسابه لمدينة نخن رغم العثور على بعض آثاره هناك مثل الملك العقرب و الملك نعرمر .
2 – لو كان هؤلاء الزعماء جميعهم قد إنحدروا من مدينة نخن ، فلماذا لم ينتسبوا من البداية إلى المعبود حور في أسمائهم ؟ لماذا إنتسب أحد أهم زعماء الأسرة صفر إلى الربة التي صورت على هيئة العقرب ( الملك العقرب ) ؟ لماذا إنتسب الملك نعرمر إلى المعبودة ( نعر ) و هي على هيئة السمكة ؟ ... لا ننكر هنا أنهم وضعوا أسمائهم في السرخ الذي يعلوه الصقر حور أحيانا و ذلك لأن الموروث الديني و السياسي السائد في البلاد آنذاك هو الذي أجبرهم على الإنتساب لهذا المعبود حتى يضفوا شرعية على حكمهم و لكن إنتسابهم له لا يعني على الإطلاق أنهم كانوا منحدرين من مدينة ( نخن ) .
3 – إن العثور على بعض آثار زعماء الأسرة صفر في أساسات معبد حور في نخن مثل صلاية نعرمر و مقمعة العقرب لا ينبغي أن نحمله معنى أكثر مما يحتمل فالمعبود حور رب نخن هو المعبود الذي إنتسب إليه زعماء الأسرة صفر مع أرباب أخرى في الشمال أخذوا نفس هيئة الصقر حور فكان لابد من توجيه الشكر و العرفان لذلك المعبود الذي آزر زعماء الأسرة صفر في توحيد البلاد دون ان يعني ذلك أن هذا أو ذاك الملك ينحدر من ذات المدينة التي يقدس فيها حور رب نخن . 
4 – لم تحتوي مدينة نخن على آثار ملكية متعددة في بداية عصر نقادة الثالثة مقارنة بأبيدوس كما أن معظم و أهم زعماء الأسرة صفر دفنوا في أبيدوس و لم يدفنوا في نخن بل أن طبقة الصفوة التي دفنت في نخن منذ عصر نقادة الثانية بدأت تنحسر في عصر نقادة الثالثة بشكل واضح فقلت مقابر الصفوة هناك بينما زادت مقابر النخبة السياسية في أبيدوس . 
5 – هناك بعض الزعماء الذين إنتسبوا صراحة في أسمائهم للمعبود ( حور ) و رغم ذلك لم يعثر على آثارهم في مدينة نخن . فعلى سبيل المثال هناك الزعيم المعروف بإسم ( بي حور ) الذي عثرنا على نقش له في الصحراء الغربية و نقش بمقبرة في جبانة قسطل في النوبة السفلى و لم يعثرله على أثر واحد حتى الآن في نخن ، كما أنه يوجد زعيم آخر بإسم ( ني حور ) حيث عثرنا له على مخربشات سجلت على أواني في طرة فقط أي أن منطقة نفوذه لم تتعدى ( طرة ) فيما نعلم حتى الآن . 
و لذلك فإن الطرح العلمي الأكثر بروزا على الساحة هو إنتساب معظم زعماء الأسرة صفر للمعبود ( حور ) خلال فترة التوحيد السياسي بصرف النظر عن مكان منشأهم الأول بل إن هذا الإنتساب لم يشمل فقط هؤلاء الزعماء بل ضم معهم أنصارهم و حلفائهم من الشمسو حور ( أتباع المعبود حورس ) الذين آزروهم لتوحيد مصر سياسيا جنوبا و شمالا . 
هناك حقيقة هامة ينبغي لنا أيضا أن نشير لها : إن زعماء الأسرة صفر و من إتبعهم من حكام المناطق الأخرى لم يكتفوا بالإنتساب للمعبود حور بل إرتبطوا بالديانة الشمسية و عبروا عن أنفسهم من خلال معطيات و مفردات ديانة الشمس بشكل خاص و مميز حيث ظهرت في تلك الفترة صلايات تعارف الباحثون عليها بإسم صلايات حيوانات الشمس و التي ظن البعض من الباحثين في البداية أنها مجرد مناظر ترتبط بعالم الحيوان و النبات و الحياة الطبيعية ، و لكن ظهور بعض الأشكال الحيوانية المركبة من أكثر من عنصر و التي جعلتها تبدو في هيئات خرافية الشكل يؤكد أن مناظر تلك الصلايات كان و لابد أن يكون لها غرض عقائدي مرتبط بهدف سياسي و ليس الغرض من هذه الدراسة مناقشة كل تفاصيل الفن في تلك الفترة ، فقد ناقشها الدارس في أكثر من مقال سابق و لكنه سيلقي الضوء على أهم العناصر فيها و ما دلت عليه معاني إرتبطت بشكل مباشر أو غير مباشر بأحداث الأسرة صفر سياسيا و دينيا . 
فعلى سبيل المثال نجد في صلاية صيد الأسود – أنظر شكل الصلاية و مناظرها في أسفل المقال – تصوير لمجموعتين من الرجال إنتظموا في صفين على حافتي الصلاية و حملوا أسلحة مختلفة مثل الأقواس و المقامع و العصى المعقوفة و حبال الصيد و البلط ذات الحدين و الحراب ذات الرأسين و التروس البيضاوية و ظهر بين الصفين ساحة صيد واسعة تفرقت فيها الوعول و النعام و الأرانب و الأسود و الثعالب . إن ما يثير إهتمامنا في هذه الصلاية هو تصوير رجلين يتقدم كل منهما صف من هؤلاء الرجال و يحمل أسلحته فضلا عن لواء معبود صقري ! مما يعني أن الصقر هنا تم تصويره مرتان و هو مايجعلنا نرجح أن هذه الصلاية ترجع لبداية عصر نقادة الثالثة و هي الفترة التي بدأ فيها زعماء تلك الفترة يصورون أنفسهم في شكل السرخ الذي يعلوه صقران ( لمزيد من التفاصيل عن هذا الشكل أنظر الجزء الثالث السابق لنفس المقال ) . نلاحظ من جانب آخر أن هناك رجلا قد تم تصويره في الجزء العلوي للصلاية و قد خرج لملاقاة أسد هائج و كاد أن يقع فريسة له لولا تدخل أقرب زملائه إليه الذي أطلق سهمين على الأسد فأصابه بسهمين في رأسه بينما نشاهد على الصف الأيمن رجلين يقومان بصيد الوعول . 
هناك مجموعة من الملاحظات التي ينبغي لنا أن نتناولها عند الحديث عن مناظر هذه الصلاية الهامة و التي ترجع لبداية عصر نقادة الثالثة ( 3300 ق.م ) و هي :
1 – تمثل مناظر هذه الصلاية رحلة صيد تذكارية قام بها مجموعة من الرجال و قد تم الإتفاق على تصويرهم بنفس الهيئة و ربما كان الهدف من هذا التصوير هو القضاء على الوحوش التي كانت تهدد منطقة بعينها في الدلتا . 
2 – ظهرت مقصورة ( البر نو ) فوق الأسد المضروب بسهمين و هي عبارة عن معبد ذي سقف مقبي ، شيده أصحابه من البوص و فروع الأشجار و دعموا أركانه بجذوع الأشجار و مما لاشك فيه أن مقصورة ( البر نو ) هو الشكل المميز لمقاصير الدلتا مما يؤكد على أن حدث الصيد هنا قد تم في الدلتا . 
3 – إن ( البر نو ) تمثل مقصورة مدينة بوتو بشكل خاص و هو ما يرجح أن هذا الحدث قد تم في بوتو ، فضلا عن ذلك فقد قام الفنان بتصوير الفحل ( الثور ) ذي الرأسين المتدابرين و هو الفحل المعروف بثور ( خنس ) الذي ورد ذكره و تصويره بنفس الهيئة في متون الأهرام و كان هذا الثور هو أحد أرباب بوتو . 
4 – تمثل بؤرة الصلاية الدائرية مشهد ( الشمس ) بينما يمثل الرجال المصورين في هذا المشهد أتباع و أصدقاء الشمس الذين يقومون بالقضاء على أعداء الشمس و هم الحيوانات الأخرى المصورة في الصلاية . فالرسالة هنا واضحة و هي : القضاء على أعداء الشمس من خلال هذا الحدث الطقسي لأجل إنتظام دورة الكون و مسيرة الشمس . 
5 – إن الثور ( خنس ) هنا بما أنه ظهر بنفس هذا الشكل كعلامة تصويرية في متون الأهرام فذلك يشير إلى ان شكله في اللاصية يعبر عن علامة تصويرية ذات قيمة صوتية و أنها أحد أقدم العلامات الكتابية في بداية عصر نقادة الثالثة و التي إستمرت حتى عصر الدولة القديمة و هو ما يعني : أن أحد العوامل التي ساهمت في نشأة الكتابة المصرية القديمة هو الحاجة لكتابة أسماء المعبوادت و كتابة الهيئة المميزة للمعبد ( مثل المنطوق اللفظي لكلمة - بر نو – التي تدل على مقصورة الشمال بشكل عام أو مقصورة بوتو ) . 
6 – ظهر كل رجل من الرجال المصورين على الصلاية بشعر مستعار و لحية مستعارة و نقبة نصفية تم تخطيطها بما يشبه خطوط سعف النخيل و تدلى خلف ظهره ذيل ذئب أو إبن آوى فضلا عن تصوير ريشة أو ريشتين فوق رأسه مما يؤكد أن جميع هؤلاء الرجال كانوا من طائفة الحكام . 
7 – إذا ما وضعنا في الإعتبار أن ما يتقدم كل صف من هؤلاء الرجال الحكام هو لواء صقري مقدس خاص بالمعبود حور ، فذلك يعني أن وجود الصقر هنا ضوروري لإتمام عملية الصيد بنجاح و أنهم من أنصاره أو بمعنى أدق هم يمثلون ما يعرف بإسم ( الشمسو حور – أتباع حورس ) الذين ينتمون لصقر ( الجنوب ) و صقر ( الشمال ) و ربما كان زعيمهم الأكبر في هذا المشهد الطقسي هو ذلك الرجل الذي تمكن من صيد الأسد بسهامه كما يلاحظ من جانب آخر أن الفنان قام بتصوير هؤلاء الحكام جميعا – بما فيهم ذلك الحاكم الذي تمكن من صيد الأسد – بنفس الهيئة و نفس الشارات و الرموز و الأسلحة و دون أن يميز أو يفرق بين حاكم أو الآخر و ذلك أمر جدير بالملاحظة و الإنتباه لأن ذلك يعني بأن الشمسو حور أحيانا كاوا يصورون انفسهم و يعبرون فنيا عن سلطتهم بنفس الشارات و الرموز الملكية التي إستخدمها زعماء الأسرة صفر خلال بداية فترة التوحيد السياسي . 
و مما سبق إستعراضه أن بوتو كمدينة في هذه الصلاية تلعب دورا بارزا في هذا الحدث الطقسي و هو ما يذكرنا بما تناولناه في مقال سابق عن دورها في مقمعة العقرب الكبرى خلال فترة التوحيد السياسي ( لمزيد من التفاصيل أنظر مقال مقمعة العقرب الكبرى و هو مقال منشور في جميع الجروبات ) .
و هنا ننتقل إلى صلاية أخرى تعرف بإسم صلاية الأسد و العقبان – أنظر مناظر هذه الصلاية أسفل المقال – حيث ظهر فيها أسد يمزق صدر عدو عاري يتلوى جسده في قسوة بالغة على الأرض و ظهر أمام الأسد شخصة ذات مقام لم يبق منها سوى نصفها الأسفل و ردائها طويل و ربما تمثل معبود أو معبودة ؟ ... الأمر اللافت للنظر أن هذه الشخصية تدفع أمامها أسيرا عاريا إلا من جراب العورة و قد قامت كذلك بثني ذراعيها خلف ظهره و ظهر فوق الأسد من اليسار لواءان مقدسان للمعبودين ( حور ) و ( جحوتي ؟ ) و إمتدت من كل منهما يدان بشريتان كبلتا أسيرا ذا لحية كثيفة و شعر مفلفل . و قد ترامى بجانب الأسد و من تحته أفراد آخرون من نفس جنس الأعداء و هم عراة بذقون طويلة و شعور مفلفلة و قد إنقضت على جثثهم أسراب من كبار و صغار طيور جوارح منها عقبان و منها غربان ، فأخذت تنهش أيديهم و أرجلهم و تفقأ عيونهم و تنقر رؤوسهم . 
هناك مجموعة من الحقائق ترتبط بهذه الصلاية وتتمثل فيما يلي : 
1 – جمع الفنان هنا جميع المناظر في وحدة تصويرية واحدة توسطها الأسد و فريسته دون أن يفصل بين جزء منها و آخر بفواصل أو خطوط الأمر الذي يعني أن هذه الصلاية لابد و أن ترجع لبداية عصر نقادة الثالثة . 
2 – إن بؤرة الصلاية الدائرية أو ما تبقى منها هي تجسيد لشكل الشمس كما أن الأسد هنا هو أهم و أكبر رمز لحيوانات الشمس التي تدل على زعيم أو ملك بعينه عبر عن نفسه في هيئة أقوى حيوانات البر لكي يفتك بأعدائه و الذي لم يكونوا سوى أعداء الشمس المنهزمين في سياق معركة ما . 
3 – يظهر من ملامح أعداء الشمس من الآدميين الذين إنهزموا من الحاكم الأسد أنهم لا ينتمون عرقيا لوادي النيل و لا الدلتا ، و من هنا تظهر أيدولوجيا جديدة عبرت عن رسالة هامة و هي : أن الزعيم الشمسي المصور في هيئة الأسد يقوم يشارك بنفسه للقضاء على أعداء الشمس الذين لا ينتمون لمصر . 
4 – إن المعبودين المصورين في أعلى الصلاية هما الصقر ( حور ) و المعبود ( جبعوتي ) على هيئة طائر يتشابه إلى حد ما مع شكل أبي منجل و لكنه لا يمثل المعبود جحوتي في هذا السياق . و كان المعبود ( جبعوتي ) هو أحد الأرباب الرئيسية لمدينة بوتو و قد بدأ يتوحد مع المعبود ( حور ) نخن في بداية الأسرة الأولى فاتخذ هيئة الصقر تدريجيا إلى أن ثبت شكله كصقر في نهاية عصر الدولة القديمة و هو ما يجعلنا نرجح أن الصقر المصور هنا هو ( حور نخن ) و المتحالف مع ( جبعوتي ) بوتو مما يرجح وجود تحالف بين زعيم بوتو و زعيم نخن ( أو ربما أبيدوس ؟ ) للقضاء على مجموعة من الأفراد الذين لا ينتمون عرقيا لسكان وادي النيل أو سكان الدلتا . 
5 – إن الشكل الخاص بوضع العدو المقتول في الجزء السفلي يمينا يتشابه إلى حد كبير مع نفس وضع الأسيرين المصورين على الجزء السفلي لصلاية نعرمر في الوجه الأول الأمر الذي يعني أن أسيرين صلاية نعرمر في حالة سكون و ليسا في حالة حركة أي أنهما مقتولين و لا يهربان مثلما كان مرجح في السابق . 
6 – أن المعبودين ( حور نخن ) و ( جبعوتي بوتو ) يقدمان الأسيرين لبؤرة الشمس من خلال تزويدهما بأذرع بشرية و هو نفس الأمر الذي تكرر تصويره على صلاية نعرمر عندما تم تصوير الصقر حور بأذرع بشرية و هو ما يعني أن هذه الموتيفة الفنية لم تكن غريبة في عصر نعرمر فضلا عن ذلك تعتبر هذه الصلاية ( الأسد و العقبان ) هي واحدة من أقدم الصلايات التي ظهرت فيها فكرة أنسنة المعبودات أي إضفاء سمات بشرية على شكل و وظيفة المعبود مما يؤهل هذه المعبودات لكي تقوم بأدوار أسطورية أو بمعنى أدق يصبح لدى أنصار المعبود القدرة على إدخاله في الأسطورة و إعطائه دورا بعينه في أسطورة ما . 
7 – نلاحظ هنا أن حور ( نخن ) يتساوى في الحجم مع جبعوتي ( بوتو ) و ذلك على النقيض من الزعيم الأسد الذي تصدر بؤرة المشهد بحجم كبير .
8 – إن العلامة التصويرية الصغيرة التي ظهرت أمام الأسير العلوي ربما كانت تدل على على المنطقة التي ينحدر منها هؤلاء الأعداء ؟ 
أما عن صلاية المتروبوليتان ( أنظر مناظر الصلاية في الجزء السفلي من المقال ) فلن يتناولها الدارس بكل تفاصيلها نظرا لأنه قد كتب عنها مقالا موجزا في السابق ( لمزيد من التفاصيل أنظر مقال صلاية المتروبوليتان منشور في جميع الجروبات ) و سيكتفي هنا بإبراز أهم الحقائق المرتبطة بمناظر هذه الصلاية و هي : 
1 – ظهر في هذه الصلاية شكل خرافي مركب لحيوان ( و هو من حيوانات الشمس المدافعين عنها ) يتكون من رأس و جسد نمر ذي رقبة ثعبانية يحمل ذيلا ثعبانيا ملتفا حول نفسه يمثل بؤرة الشمس ( لاحظ في صلاية نعرمر الذيل الدائري الملتف عند طرفي الحيوانين الخرافيين حيث عبر كل ذيل دائري منهما عن شمس المغرب و شمس المشرق – أنظر مقال أيدولوجيا المشاهد الملكية المبكرة في صلاية نعرمر منشور في جميع الجروبات ) 
2 – تحمل بؤرة الشمس فوقها شكل لعلامة تصويرية تعبر عن إسم الزعيم أو الملك المعروف ( بي حور ) الذي ظهر في نقش مقبرة قسطل لأول مرة بالتاج الأبيض و التاج الأحمر جالسا على العرش و مدثر في رداء يتشابه مع الحب سد ( لمزيد من التفاصيل أنظر نقش مقبرة قسطل للملك بي حور منشور في جميع الجروبات ) و هو ما يؤكد على وجود إرتباط بين العبادة الصقرية للرب ( حور ) و ما بين ديانة الشمس و كل ما يتعلق بمفرداتها خلال عصر التوحيد السياسي . 
3 – يجسد إبن آوى المصور على طرفي الصلاية واحد من حيوانات الشمس القوية و المدافعين عنها و هو رب ( الأطراف ) حيث تم تصويره مرتان على ( طرفي ) الصلاية ربما لكي يشير إلى مكان سكناه فهو يسكن على أطراف الوادي حيث الأراضي المروعة و أطراف الصحراء حيث الجبانة ، إلا أن هناك رأيا آخر للعالم الألماني القدير ( فيستندورف ) يرجح فيه أن إبن آوى المصور مرتان هنا يمثل السماء بأفقيها الشرقي و الغربي و أن صغار بنات آوى أو الضباع المصورة على هذه الصلاية و كما نشاهد جيدا يرضعن من أمهاتهم ( الذين يمثلون هنا إبن آوى المصور مرة على الطرف الأيمن و مرة على الطرف الأيسر ) اللائي يمثلن السماء بأفقيها الشرقي و الغربي و هو أحد الدوار الدينية التي نسبت لإبن آوى خلال عصر التوحيد السياسي .
4 – يظهر الحيوان الخرافي المركب هنا و هو يسير متجها من الشرق نحو الغرب الأمر الذي يعكس وجود رحلة شمسية هي الأقدم في التصوير في صلايات عصر التوحيد و تكرر نفس الأمر في صلاية نعرمر عند تصوير الحيوانين الخرافيين بذيلين دائريين يمثلان شمس المشرق و شمس المغرب و بينهما بؤرة الصلاية التي تعبر عن شمس منتصف الليل مع الوضع في الإعتبار أن حركة الشمس في صلاية نعرمر تسير عكس حركة الشمس في هذه الصلاية ، فعند نعرمر تسير من جهة الغرب حتى جهة الشرق . 
5 – إحتوت هذه الصلاية على فكرة الرضاعة من إبن آوى و هي فكرة فنية فريدة من نوعها لم تتكرر على الإطلاق في صلايات عصر التوحيد و هو ما يمنح صلاية المتروبوليتان أهمية خاصة فضلا عن إختفاء مشاهد العنف و الصيد في هذه الصلاية فلا وجود لأعداء الشمس الذين كان يتم تصويرهم في صلايات أخرى ترجع لنفس الفترة الزمنية . 
6 – إختلف شكل الحيوان الخرافي المركب هنا عن جميع الحيوانات الخرافية الشمسية التي ظهرت في صلايات أخرى و لم يتكرر هذا الشكل الخرافي على أي أثر آخر – قارن شكل الحيوان الخرافي في هذه الصلاية بشكل الحيوان الخرافي في صلاية نعرمر على سبيل المثال أو صلايات أخرى صورت الحيوان الخرافي المركب بشكل مزدوج حيث تستطيل الرقبة الثعبانية بجسم أسد أو نمر و يتداخل جسد كل حيوان مع الآخر لكي يلتحما حول بؤرة كما ظهر في صلاية نعرمر . 
7 – هل كان الملك أو الزعيم بي حور ملك متوج على مصر العليا و السفلى ؟ أم كان مجرد واحد من الشمسو حور ( أتباع حورس ) في ذلك العهد ؟ هل ظهوره بالتاج الأبيض و التاج الأحمر في نقش مقبرة قسطل يدل على سيطرته الكاملة على مصر العليا و السفلى ؟ و إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تظهر له آثار متعددة في الصعيد ؟ لماذا لم يدفن في أبيدوس مثل معظم زعماء الأسرة صفر ؟ لماذا لم يظهر له أثر في الشمال يؤكد سيطرته عليها ؟ هل تصويره بالتاج الأبيض و الأحمر يدل على سيطرته على مصر العليا و السفلى ؟ هل إرتبط التاج الأبيض بمصر العليا و هل إرتبط التاج الأحمر بمصر السفلى في تلك الفترة ؟ ... سنعالج تلك القضية في الجزء الخامس القادم من المقال بإذن الله . 
هناك تساؤل آخر هام : ما هو السبب الذي جعل زعماء الأسرة صفر و أنصارهم من الشمسو حور يلجأون للتعبير عن سلطتهم السياسية و الدينية في فترة التوحيد السياسي بمفردات الديانة الشمسية ؟ هل لعبت مدينة عين شمس دورا سياسيا أو دينيا في ذلك العهد ؟ ... سيسعى الدارس لطرح إجابة ممكنة على هذا التساؤل في جزء تالي من هذا المقال فضلا عن تكملة شرح أهم النقاط الممكنة بآثار و فنون عصر التوحيد السياسي الذي بدأ منذ بداية نقادة الثالثة في وقت قريب بإذن الله
الجزء الاول من المقالة

الجزء الثانى من المقالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق