الخميس، 20 يونيو 2013

أضواء جديدة على قيام الوحدة السياسية بين الجنوب و الشمال و نشأة الملكية المصرية - الجزء الثانى

بسم الله الرحمن الرحيم 

أضواء جديدة على قيام الوحدة السياسية بين الجنوب و الشمال و نشأة الملكية المصرية - الجزء الثانى

من خلال ما تم إستعراضه في الجزء الأول من
هذا المقال تبين لنا وجود شبكة تجارية ضخمة في منطقة الشرق الأدنى القديم بدأت من
الأناضول و شمال بلاد الرافدين و إنتهت بالنوبة السفلى مرورا بالشام و مصر السفلى
نخبة السياسية في جنوب و شمال مصر من اناحية الإقتصادية – أنظر الجزء الأول الساب
و العليا كما وجدنا عرفنا كذلك مدى تأثير هذه الشبكة التجارية في تعزيز مكانة طبق
ةق من هذا المقال لمراجعة جميع التفاصيل المرتبطة بموضوع الشبكة التجارية – و في واقع
أفراد المجتمع نجدها منذ العصر الحجري الحديث في مصر ( و يبدأ في الدلتا منذ حوالي
الأمر إن بداية ظهور كيانات إجتماعية و سياسية مميزة و متفوقة على غيرها من الكثير من
6000 ق.م أما في وادي النيل فهو يبدأ منذ 5000 ق.م ) فقد تم العثور على دفنات لنخبة إجتماعية مميزة في حضارة البداري في أسيوط حيث وجد أن 8% من دفنات
نائزي .
البداري إحتوت على أثاث جنائزي ثري و مميز و ذلك على النقيض من بقية الدفنات الأخرى في البداري و تبلغ نسبتها 92% و التي كانت دفنات فقيرة في أثاثها ال
ج
وجد كذلك إشارات لوجود تميز إجتماعي في حضارة
حلوان في الشمال التي ترجع هي الأخرى للعصر الحجري الحديث ، و لاسيما في الدفنة رقم
35 التي إحتوت على عصا من خشب الأثل طولها 30 سم و قد تم وضعها أمام وجه لهيكل
مر الذي يرجح أنها كانت قرينة على التميز الإجتماعي لهذا الرجل في قرية حلوان و د
عظمي مدفون في وضع القرفصاء لرجل بالغ و كانت يداه ممدوتان ناحية هذه العصا ال
أون أن ينصرف للأذهان بالضرورة أنها عصا تدل على وجود سلطة سياسية في حلوان في ذلك
الوقت المبكر مثلما إقترح بعض الباحثين القدامى .
زاد ذلك التميز الإجتماعي في بداية العصر
الحجري النحاسي ( بداية عصور ما قبل الأسرات في مصر و تبدأ منذ حوالي 4000 ق.م ) حيث
تبلور في ظهور مراكز حضارية و ممالك سياسية صغرى إنتشرت في الوادي ( مصر العليا )
تهم الإجتماعية تحديدا في عصر نقادة الثانية ( المرحلة الثانية لعصور ما قبل
و الدلتا ( مصر السفلى ) و أخذ أصحاب و وجهاء تلك المراكز يعبرون عن أنفسهم و مكا
نالأسرات في مصر – و حول تواريخ هذه العصور الزمنية أنظر الجزء الأول السابق لهذا
مزخرف بتقنية و حرفية عالية و أدوات حجرية مصقولة في غاية الدقة في صنعها و تدل ع
المقال ) و لاسيما مع وجود و إكتشاف أثاث جنائزي متطور و مكون من فخار جيد النوع 
ولى مهارة و خبرة عالية حيث تم إكتشاف تلك المنتجات في مقابر الصفوة الإجتماعية و السياسية في الجنوب و خاصة في أبيدوس و نقادة و الموقع رقم 6 في نخن و من فحص
تقرار السكني السلمي في تلك المناطق مما أدى لزيادة عدد السكان الذي نستدل عل
مساحة هذه المدن الجنوبية و ما تم إكتشافه فيها تبين لنا أنها تحولت من ( قرى صغيرة ) خلال عصر نقادة الأولى إلى ( مدن كبيرة ) خلال عصر نقادة الثانية بعد الإ
سيه من زيادة عدد الدفنات من عصر إلى آخر الأمر الذي أدى إلى ظهور ( ممالك سياسية
) في أبيدوس و نخن و نقادة في الجنوب منذ عصر نقادة الثانية على أقل تقدير .
جدير بالذكر أن هذا التميز الإجتماعي لم
يختفي في مصر طوال عصر الأسرة صفر و طوال العصر العتيق حتى مع قيام سلطة الملكية
المصرية و إعلان الوحدة السياسية في البلاد . حيث وجدنا في مقبرة الملك العقرب – و
هو الملك قبل الأخير في الأسرة صفر و لمزيد من التفاصيل أنظر الجزء الأول السابق
سايس و عين شمس و غيرهم ، حيث كانت هي حلقة الوصل التجارية بين جنوب مصر و جنوب
لهذا المقال – آثار تدل على وجود ممالك و مراكز سياسية كبرى في الشمال مثل بوتو 
وبلاد الشام فهي التي قامت بإستيراد أواني شامية و تحديدا من سوريا و فلسطين ثم وضعت هذه الأواني كأثاث جنائزي في مقبرة الملك العقرب في أبيدوس . و من هنا تبين
كتابة أسماء مدنها و زعمائها و أربابها التي تم تسجيلها جميعا على بطاقات عاجية
لنا أن ممالك الشمال أشرفت بشكل مباشر على التجارة الخارجية مع مدن تقع في الشام عند سواحل البحر الأبيض المتوسط و قد تم الإعتراف بهذه الممالك الشمالية من خلا
ل مكتشفة
العقرب في أبيدوس .
في مقبرة
لا يفوتنا في هذا الصدد أن نتحدث عن واحدة من
كبرى حضارات و مراكز الشمال السياسية ، و التي كانت لاتزال تمارس دورها السياسي و
الحضاري الكبير منذ نهاية عصر نقادة الثانية و بداية نقادة الثالثة مروا بالأسرة
على بعد 40 كم جنوب منف . هناك مجموعة من الحقائق ينبغي لنا أن نشير إليها عند ا
صفر و حتى النصف الأول من الأسرة الأولى ، و هي مدينة أو ( مملكة طرخان ) حيث تق
علحديث عن مملكة طرخان في النصف الثاني من عصور ما قبل الأسرات و هي :
1 – لم يكن ظهور طرخان كمركز حضاري كبير و
مملكة سياسية في الشمال أمر مفاجيء في النصف الأخير من عصر نقادة الثانية فهي
إمتداد ثقافي لحضارة جرزة عند مدخل بني سويف ( تبعد طرخان عن جرزة حوالي 10 كم ) و
التي كانت واحدة من أكبر المراكز الدينية و السياسية في مصر طوال عصر نقادة
الثانية فطرخان هي الإمتداد الشمالي لحضارة جرزة .
2 – تم إكتشاف 1300 دفنة في طرخان تنتمي
زمنيا لنهاية الأسرة صفر و بداية الأسرة الأولى مما يدل على إرتفاع معدل الزيادة
السكانية في طرخان و كانت تعتبر واحدة من أعلى معدلات الكثافة السكانية في مصر .
3 – مملكة طرخان كانت هي واحدة من أولى
المراكز التجارية التي كانت تستقبل بضائع و منتجات الشمال لكي تتولى إرسالها
للجنوب و العكس صحيح مما ترك تأثيره الطيب على ثراء زعمائها في ذلك العصر فضلا عن
وجودها الجغرافي المميز هي و جرزة في موقع إستراتيجي يتسم بوجود زراعة و إمكانية
إستصلاح أراضي زراعية كبيرة
4 – من أهم المقابر التي إكتشفت في طرخان هي
المقبرة رقم 315 و التي بلغ عرضها أكثر من 6 متر و إحتوت على أواني فخار متعددة و
نقش عليها إسم الحاكم المحلي لمملكة أو مدينة طرخان و هو ( جحوتي مر ) و الذي كان
المحليين الذين ساعدوا و آزروا السلطة الملكية في أبيدوس في السيطرة على إحدى الم
على صلات بأحد ملوك أبيدوس خلال عصر الأسرة صفر مما يرجح أنه كان واحدا من الحكام
داخل الهامة لمنطقة مصر الوسطى التجارية .
5 -  ما
يؤكد أهمية طرخان كمملكة سياسية كبرى و مركز حضاري و تجاري كبير هو وجد أكثر من
إسم لزعماء بارزين الأهمية سيطروا عليها و هم :
1 – ( الزعيم جحوتي مر ) 2 – ( الزعيم
التمساح ) 3 – ( الزعيم حات حور )
4 – ( الزعيم الملك كا ) 5 – ( الزعيم الملك
نعرمر )
6 – لم تنحسر أهمية طرخان السياسية بعد النصف
الأول من عصر الأسرة الأولى كما ظن العديد من الباحثين بل وجدت فيها آثار حتى
نهاية اعصر العتيق فضلا عن كونها الحد الجغرافي الجنوبي لمدينة منف أي أنها أنها
ظلت طوال العصر العتيق كحد جنوبي للعاصمة منف . هناك تساؤل هام : هل كان هناك
ى ؟ و من هنا سيتم إعتبار كلا من ( جحوتي مر ) و ( التمساح ) و ( حات حور ) أنهم
إمتداد لعائلة زعماء مملكة أبيدوس الجنوبية في منطقة طرخان عند مدخل مصر الوس
طلم
وا من أبيدوس و لكنهم على صلات قرابة و نسب بتلك المملكة الجنوبية ؟
يكو
ن
7 – ظهر في طرخان أقدم تمثيل معروف لنا
للمعبود ( بتاح ) يوجد على إناء من الألباستر حيث عثر عليه في طرخان و هو يرجع
لعصر الأسرة صفر و يظهر فيه المعبود ( بتاح ) برأس حليق و بدون لحية واقفا داخل
مقصورة مفتوحة مرتديا رداءا ضيقا و يداه ممدودتان أمام صدره ممسكا صولجان ( الواس
) و الذي يظهر هنا كذلك لأول مرة في تاريخ الفن المصري القديم كما تتدلى دلاية قلادة
الرقبة على ظهره . و جدير بالذكر أنه ظهرت واحدة من أقدم العلامات التصويرية
آنية .
المصرية القديمة ذات القيم الصوتية و التي مثلت حروف إسم المعبود بتاح على ا
ل
8 – تزامن ظهور المعبود بتاح في طرخان و هو
ممسكا بصولجان السلطة الإلهية ( واس ) مع ظهور سلطة ملكية أو سلطة حاكم محلي في
طرخان الأمر الذي يكشف عن إرتباط بتاح منذ البداية بالزعامة و السلطة السياسية و
الملكية فضلا عن إرتباطه الشهير بوظائف الفن و الفنانين و المهنيين و الحرفيين .
9 – إرتباط المعبود بتاح منذ البداية بوظيفة
الفن و الصناعة و المهن الحرفية الأخرى يعكس مدى التقدم الحضاري لمملكة أو مدينة
طرخان التي تركز و إستقر فيها أكبر عدد ممكن من الصناعات و الحرف المختلفة في ذلك
العصر .
أما عن أكبر المراكز السياسية و الحضارية على
الإطلاق هو مدينة ( حلوان ) حيث تم إكتشاف أكثر من عشر آلاف ( 10000 ) دفنة و
مقبرة تؤرخ بعصر الأسرة صفر و بداية الأسرة الأولى . و هنا يجب علينا أن نلقي مزيد
من الضوء على مدينة حلوان الحضارية من خلال الحقائق التالية و هي :
1 – ترجع البدايات الأولى لحضارة حلوان
لنهايات العصر الحجري القديم الأعلى أي منذ حوالي 13000 ق.م فوجد فيها أدوات حجرية
ميكروليثية ( صغيرة ) و هي الأدوات المميزة لذلك العصر .
2 – إستمرت حضارة حلوان خلال العصر الحجري
الوسيط و الذي يرجع زمنيا إلى 10000 ق.م بل و كانت من إحدى أوائل القرى التي تمكنت
من الدخول زمنيا في العصر الحجري الحديث في مصر منذ الأف الثامن قبل الميلاد 8000
معرفة بصناعة الفخار .
ق.م بعد أن عرف أهلها الإستقرار بممارسة الزراعة و بناء المساكن البسيطة و لكن دو
ن
3 – تقدت حضارة حلوان خلال مرحلة أخرى و
متطورة من العصر الحجري الحديث في الأف الخامس قبل الميلاد 5000 ق.م فعرفت لأول
مرة إستخدام الحجر خلال ذلك العصر المبكر و على نطاق واسع في القرية حيث وضع أهلها
بضعة أحجار صغيرة غير مهذبة فوق كل مقبرة من مقابرهم لكي تدل عليها و تحدد مكانها
الدوائر بجوار منطقة المدافن الأمر الذي جعل بعض علماء ما قبل التاريخ يرجح أن هذ
كما وضعوا أحجارا أخرى غير مهذبة على هيئة الأكوام الصغيرة و أحجارا أخرى على هيئ
ةا المكان كان لإقامة شعائر تقديس الموتى في منطقة حلوان ؟ أو ربما كان مكانا مخصصا لتجهيز القرابين و نحر الأضاحي ؟ أو ربما كان مطبخ عام لأهل القرية بناءا على ما
هذه الحضارة عن جميع حضارات الشمال و الجنوب خلال العصر الحجري الحديث .
تم إكتشافه من بقايا أواني فخار و مخلفات وقود و حرق في تلك الأماكن ؟ ... على أي
حال يمكن القول بأن ظاهرة إستخدام الأحجار الصغيرة الغير مهذبة في حلوان تميزت به
ا
4 – هناك فترة إنقطاع حضاري في حلوان ، فبعد
نهاية العصر الحجري الحديث هناك لا وجود آثار لحلوان حتى الآن تعاصر البداية
الزمنية لعصور ما قبل الأسرات ( بداية عصر نقادة الأولى 3900 ق.م ) كما لا وجود
فيها لآثار ترجع لبداية عصر نقادة الثانية ( و تبدأ من 3600 ق.م ) حتى الآن . إلا
أنها تظهر فيها آثار لمقابر متميزة مع نهاية عصر نقادة الثانية ( حوالي 3400 ق.م )
و مع بداية عصر نقادة الثالثة ( حوالي 3300 ق.م ) و طوال عصر الأسرة صفر ( من 3150
بحتة حيث لم يكتشف فيها حتى الآن ما يدل على وجود تواصل زمني مباشر بين نهاية ال
ق.م إلى 3000 ق.م ) و طوال العصر العتيق . فهل يرجع ذلك الإنقطاع الحضاري للصدفة ا
لعصر الحجري الحديث و بداية عصور ما قبل الأسرات ؟ أم أنها فقدت أهميتها الحضارية
ظلت كقرية صغيرة في موقعها المحلي حتى نهاية عصر نقادة الثانية ؟
بعد نهاية العصر الحجري الحديث فاضطر أهلها لهجرها لأسباب ما مجهولة لنا ؟ أم أنه
ا
5 – تم إكتشاف مقبرة بالغة الأهمية في حلوان
ترجع لنهاية عصر الأسرة صفر و هي المقبرة رقم 536 و يبلغ عرضها أكثر من 8 متر و هي
أكبر مقبرة في حلوان في تلك الفترة و إحتوت على الكثير من الأواني الحجرية الشامية
ا يلفت النظر هو أن هذه المقبرة تعاصر زمنيا مقبرة جحوتي مر في طرخان مما يؤكد أن
فضلا عن أواني الفخار المصرية و كان الجزء العلوي منها مشيدا بالطوب اللبن إلا أن 
م مملكة حلوان لعبت دورا سياسيا بارزا تماما مثل طرخان خلال نهاية الأسرة صفر و
بداية الأسرة الأولى .
6 – وجدت مقابر الصفوة في حلوان و التي تؤرخ
زمنيا بنهاية الأسرة صفر و بداية الأسرة الأولى حيث إحتوت على أسماء و ألقاب
النخبة السياسية في حلوان و كانت المفاجئة أن بعضهم أشار لنفسه أنه إبن أو بنت
الملك ! و هو أقدم دليل كتابي معروف على ظهور لقب إبن الملك في الحضارة المصرية
القديمة و قد ظهر في حلوان . أما المفاجئة الأخرى ظهور مقابرهم مشيدة على الطراز
الملكي المعروف بالدخلات و الخرجات التي نفذت على واجهاتها الخارجية مما يعني أن
مقابر الصفوة التي وصف أصحابها أنفسهم بأنهم أبناء و بنات الملك في حلوان .
الطراز المعماري الملكي لم يكن حكرا على ملوك أبيدوس بل ظهرت له شواهد مماثلة في
7 – مع منتصف الأسرة الأولى إنتقلت جبانة
كبار القوم و النخبة من حلوان إلى سقارة فظلت حلوان جبانة لمقابر صغار الموظفين طوال
العصر العتيق بينما أصبحت سقارة هي جبانة الصفوة في منف و التي إحتوت على ثراء
الملوك في أبيدوس خلال عصر الأسرة الأولى لدرجة أن العديد من علماء المصريات ا
كبير من الأثاث الجنائزي فضلا عن أحجامها الضخمة مما جعلها تناهض و تنافس مقاب
رلقدامى إعتقد أن مقابر سقارة هي مقابر ملوك الأسرة الأولى الحقيقية و أن مقابر
أبيدوس كانت مقابر رمزية وهمية .
8 – من أهم المقابر المكتشفة في سقارة ،
المقبرة رقم 3505 و هي مقبرة الموظف الكبير في منف ( مر كا ) الذي عاش في عصر
الملك ( قاعا ) آخر ملوك الأسرة الأولى و كان من أهم و أخطر ألقابه على الإطلاق هو
لقب ( إري بعت ) و هو حرفيا يعني : المنتمي إلى الصفوة و ضمنيا يعني : نسيب أو
لك ( دن ) في منتصف الأسرة الأولى و كان يحمل لقب ( حامل ختم ملك مصر السفلى ) بم
قريب الملك و كذلك مقبرة الموظف الشهير ( حم كا ) في سقارة الذي عاش في عصر ال
معنى من
م السلطة التنفيذية للملك في مصر السفلى
يقوم مق
ا
يتبين لنا من ذلك العرض السابق أنه إذا وضعنا
في الإعتبار أن حلوان هي الحد الشرقي لمنف فذلك يعني أن الإرهاصات الأولى للحضارة
المنفية ترجع لنهايات العصر الحجري القديم الأعلى كما سبق ذكره و أن حضارة منف
ار حضارتها خلال النصف الأول من عصور ما قبل الأسرات حتى تبدأ في الإزدهار مرة أخ
إستمرت خلال العصرين الحجري الوسيط و الحديث و لكن لا يوجد ما يوحي الآن بإستم
ررى في النصف الثاني من عصور ما قبل الأسرات و تصل للذروة الحضارية خلال عصر الأسرة
سكانها من حلوان على البر الشرقي إلى سقارة على البر الغربي – الحد الغربي لمنف
صفر و تصبح أعلى مدينة ذات كثافة سكانية في مصر و تزداد مساحتها و يتحول عدد كبير م
ن- و يدفن فيها كبار القوم .
و من خلال عرض النقاط السابقة يمكن لنا أن
نرجح النتيجة التالية :
وجود زعماء أو ملوك ذي منشأ جنوبي دفنوا في
جبانة أبيدوس و معترف بشرعيتهم في مراكز الشمال و أن هذه العائلة الملكية ذات
المنشأ الجنوبي إنتسب إليها فرع عائلي آخر إنحدر منها و إستقر في حلوان و طرخان أي
أن هذا الفرع إستقر في منف منذ عصر الأسرة صفر . و من غير المستبعد على الإطلاق أن
ذه الأفرع في بوتو و سايس و عين شمس في الشمال و نخن و نقادة في الجنوب منذ عصر ا
العائلة الملكية في أبيدوس كان لها أفرع أخرى منحدرة منها و تنتمي إليها و إستقرت 
هلأسرة صفر مع الوضع في الإعتبار أن هذه الأفرع العائلية الأخرى كانت أقل درجة في المكانة السياسية من عائلة منف التي إرتبطت برباط وثيق بعائلة أبيدوس الملكية
فكانت هي الأكثر قربا و نسبا منها .
بناءا على ما تم طرحه حتى الآن في هذا المقال
، نجد أن الممالك و المراكز السياسية في الشمال و الجنوب ساعدت و آزرت مملكة
أبيدوس في السيطرة على معظم مصادر و مواد و طرق التجارة هنا و هناك . إلا أننا
نطرح هنا مجموعة من التساؤلات الهامة في هذا الصدد :
1 – ما هي الأسباب الفعلية التي جعلت زعماء
المراكز السياسية الأخرى يتبعون سياسيا مملكة أبيدوس و يرضون لأنفسهم هذا الرضوخ
السياسي و بشكل يغلب عليه الطابع السلمي دون الحربي ؟ - ملحوظة هامة : قبل الإجابة
عن هذا التساؤل ينبغي أن نتذكر : أ – معظم هؤلاء الزعماء كانوا من أقارب العائلة
اسية و الدينية و الإقتصادية في ممالكهم التي حكموا فيها حتى مع قيام الملكي
الملكية في أبيدوس ...... ب – لم تفقد هذه العائلات و زعماء المراكز سلطاتها الس
ية
برى في أبيدوس و مع نشأة الوحدة السياسية .
ال
ك
2 – بالرغم من المنشأ الجنوبي لزعماء الأسرة
صفر ، هناك تساؤل هام : هل إستقر زعماء الأسرة صفر مثل : إري حور  و كا و العقرب و نعرمر معظم أوقات السنة في
أبيدوس ؟
3 – هل إستقر ملوك الأسرة الأولى الذين دفنوا
في جبانة أبيدوس الملكية هناك و طوال الوقت خلال بداية عصر الأسرات المبكر ؟
في واقع الأمر إن إنتشار آثار هؤلاء الملوك و
تركزها بشكل مكثف و كبير في حلوان و سقارة يرجح إقامتهم الملكية بشكل شبه دائم في
منف خلال عصري الأسرتين صفر و الأولى بالرغم من منشأهم الجنوبي حيث كانت منف ( من
نذ بداية عصر نقادة الثالثة ( حوالي 3300 ق.م ) على أقل تقدير فمنف كانت قنطرة و
طرخان في الجنوب إلى حلوان في الشمال ) أكبر مركز حضاري و تجاري معروف في البلاد 
م جسر يربط بين الوادي ( مصر العليا ) و الدلتا ( مصر السفلى ) و كان هذا الجسر هو
منتجات جنوب الشام و مصر السفلى نحو مصر العليا و النوبة السفلى و هو الأمر الذي
معبر لبضائع النوبة السفلى و مصر العليا نحو شمال مصر و جنوب الشام كما كانت معبر 
لجعل زعماء الأسرة صفر ذي المنشأ الجنوبي يفضلون الإستقرار شبه الدائم في تلك
المدينة .
هناك أمر جدير بالملاحظة و شديد الأهمية و هو
: أن مقابر النخبة في حلوان إحتوت على آثار و منتجات متطابقة مع منتجات و آثار
أبيدوس المتمثلة في الأختام الملكية و أواني الفخار و حجم و شكل المقابر و هو ما
يرجح إنتقال زعماء أبيدوس للسيطرة على منف خلال عصر الأسرة صفر بل و تحويل القرية
القديمة لحلوان و سقارة إلى مدينة بعد زيادة عدد السكان فيها و إحاطتها بسور ضخم
لها لإستقبال بضائع الجنوب و الشمال فضلا عن إقامة قصور ملكية في نطاقها أكدت
كبير و إنشاء ميناء تجاري كبير عند ضفة حلوان الشرقية و ضفة سقارة الغربية مما أ
هعلى وجودها الأختام العاجية المكتشفة في مقابر النخبة في حلوان التي كشفت عن وجود قصور
ح أن إعادة تأسيس منف مرة أخرى كمركز تجاري كبير في الشمال بعد فترة الإنقطاع
ملكية للتمساح و إري حور و كا و العقرب و نعرمر و ملوك الأسرة الأولى و هو ما يجعلنا نر
ج الحضاري يرجع الفضل فيه لزعماء الجنوب الذين سعوا لإعادة إكتشاف هذا المكان و تحويله لمركز تجاري كبير و ذلك لتأكيد هيمنتهم الإقتصادية و مكانتهم
ت و بضائع جميع ممالك الجنوب و الشمال لن تمر من وادي النيل إلى الدلتا و من
الإجتماعية مما كان له الأثر الأكبر في زيادة ثرائهم و سلطتهم فكان رضوخ بقية زعماء الشمال و الجنوب لهم لم يكن سوى تحصيل حاصل و ذلك نظرا لأن منتج
االدلتا إلى و الوادي إلا من خلال منف بل و يمكن ترجيح أن زعماء المراكز الأخرى سعوا بأنفسهم لعمل أواصر نسب و مصاهرة مع زعماء أبيدوس بعد سيطرتهم على منف الذي أدى لزيادة ثرائهم
يدوس على جميع مصادر و طرق التجارة مع النوبة السفلى و إلى هنا نكتفي بهذا الحد و
و سلطتهم و قد تزامن ذلك سيطرة زعماء أبيدوس في الجنوب على طرق التجارة في الصحراء الغربية و الشرقية و بمساعدة مملكتي نخن و نقادة في الجنوب الأمر الذي أدى لإحكام سيطرة زعماء أ
بسنكمل الجزء الثالث في وقت قريب بإذن الله    
 
الجزء الاول من المقالة 

http://ahmedfaheem.blogspot.com/2013/06/blog-post.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق