الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

الفترة الإنتقالية مابين نهاية الأسرة الأولى و بداية الأسرة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

( الفترة الإنتقالية مابين نهاية الأسرة الأولى و بداية الأسرة الثانية )


............................ لماذا حددت وفاة الملك ( قاعا ) - آخر ملوك الأسرة الأولى - بنهاية أسرة؟ و لماذا بدأت الأسرة الثانية عندما إعتلى عرش البلاد الملك ( حوتب سخموى ) أول ملوكها ؟ ...... كشفت النتائج الخاصة بتلك الفترة عن وجود حقيقتين جديدتين : 1 - يشير حجر بالرمو إلى حدوث هبوط كبير فى معدل إرتفاع معدل الفيضان السنوى بعد نهاية الأسرة الأولى لذلك يرى البعض أن ذلك كان سببا فى وجود توترات سياسية و إقتصادية واضحة عجلت بنهاية الأسرة . 2 - لا يوجد شك فى وجود ملكين حكما مصر بعد عصر الملك ( قاعا ) أحدهما يعرف بإسم ( با ) و الآخر هو ( سنفر كا ) ، و قد عثر على إسم هذا الأخير فى جبانة النخبة شمال سقارة فى نهايات الأسرة الأولى مما يؤكد أنه تولى مقاليد الحكم بعد ( قاعا ) ، و لكن لايظهر أى من ( با ) و ( سنفر كا ) فى قوائم الملوك اللاحقة ، حيث إعتبرهم خلفائهم غير شرعيين و حذفا من السجل التاريخى ، مما يعكس وجود صراع على السلطة فى نهايات عصر الأسرة الأولى فكان ذلك إيذانا بأفولها .
........................... هل كان ذلك السببان كافيان للإنتقال من الأسرة الأولى إلى الأسرة الثانية ؟ يبدو أن أول ملوك الأسرة الثانية ( حوتب سخموى ) حاول أن يضفى الشرعية الدينية و السياسية على مركزه بالإشراف على دفن سلفه أو على الأقل بتكريم شعيرته الجنائزية حيث كشف حديثا عن أختام ( حوتب سخموى ) فى حجرات القرابين الأقرب إلى مدخل مقبرة ( قاعا ) ، الأمر الذى يعكس أمر هام : أنه أراد أن يؤكد على قيامه بدفن سلفه فاستحق العرش و فقا للتقاليد الدينية المصرية القديمة ، و لكن ذلك أصبح الآن مخالفا للواقع الأثرى ، فوجود أختام ( حوتب سخموى ) فى مقبرة ( قاعا ) ليس دليل فعلى على أنه خلفه مباشرة على العرش و إنما يدل على رغبته فى تأكيد ذلك الأمر لإسباغ شرعية على حكمه و لاسيما بعد إكتشاف وجود ملكين حكما البلاد بعد ( قاعا ) .
......................... و إذا نظرنا إلى أعمال أول ملوك الأسرة الثانية ( حوتب سخموى ) سنجد أنه خرج على التقاليد و هجر جبانة الملوك الأسلاف فى ( أبيدوس ) و إتجه إلى سقارة ( التى ستصبح بدءا من ذلك العصر أقدم جبانة ملكية فى منف ) و لاشك أن ذلك الحدث يمثل تغيرا جوهريا فى السياسة الملكية مما كان أحد الدوافع التى تستوجب تغيير الأسرة و الأدهى من ذلك أن تصميم المقبرة الملكية ( لحوتب سخوى ) فى سقارة إختلف بشكل كامل عن تصميم المقابر الملكية لملوك الأسرة الأولى فى أبيدوس و هو مااستوجبته على الأقل طبيعة طبقة الصخر المختلفة فى سقارة مقارنة بأبيدوس . هل كان إنتقال موضع الجبانة الملكية من ( أبيدوس ) إلى ( سقارة ) يعنى إنتقال مقر الحكم الملكى من ( ثني ) فى الجنوب إلى ( منف ) فى الشمال ؟ تشير الدلائل الأثرية الحديثة إلى إستقرار ملوك الأسرة الأولى فى ( ثنى ) و ليس ( منف ) و أن أول ملوك ( الأسرة الثانية ) إنتقل إلى ( منف ) كمقر حكم جديد مما كان أحد الأسباب التى أدت إلى بداية أسرة جديدة .
......................... و لاشك أن إسم الملك ( حوتب سخموى ) يحمل دلالة دينية و سياسية هامة ، فإسمه يعنى : ( هدأت أو رضيت القوتان ) و هما قوة المعبود ( حورس ) و قوة المعبود ( ست ) ، فسياسة الملك ترمى إلى إرضاء الربين ( حورس ) و ( ست ) طوال فترة حكمه ، فهل الإسم الذى إختاره يعكس وجود صراعات دينية أو سياسية وقعت قبل أن يتولى مقاليد الحكم ؟ لا يستبعد ذلك الطرح و لاسيما بعد أن ظهر على مسرح الأحداث وجود صراعات ملكية سياسية محتملة بين ( حوتب سخموى ) و ( سنفر كا ) و ( با ) ..... فربما ساند أتباع أحد المعبودين ملكا دون الآخر مما نتج عنه صراع بين كهنة ( حورس ) و كهنة ( ست ) ، إلا أن الملك ( حوتب سخموى ) أراد أن يقول أن الربين و أتباعهما رضيا عنه كملك شرعى فاختار إسمه السابق مما كان أحد الأسباب لتغير الأسرة . نستشف مما سبق أن الإنتقال من الأسرة الأولى إلى الثانية لم يكن هادئا ، بل صاحبه نزاعات ذات طابع سياسى و دينى و لذلك نرى أن هذا الإنتقال قد تم بسبب جميع الدوافع التى ذكرت سابقا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق