الخميس، 13 أكتوبر 2011

الملكية فى العصر العتيق - مسئولية و إنجازات

بسم الله الرحمن الرحيم


( الملكية فى العصر العتيق - مسئولية و إنجازات )

.............................. حظيت الملكية فى مصر القديمة بإهتمام علماء المصريات و صدر العديد من المراجع و المقالات العلمية التى تناولت الجوانب المختلفة للشخصية الملكية من ألقاب و أعياد ( إلخ......) و ركزت معظم الدراسات على ( قداسة شخصية الملكية ) مدفوعين فى ذلك بما شاع تصويره على الآثار من مناظر توضح الملك فى علاقاته المختلفة مع الآلهة كذلك ماجاء فى النصوص من ( تبجيل و تعظيم مفرط لشخصية الملك ) و خلص الكثير من العلماء إلى ( غلبة الشكل المقدس ) و أنه يعد نواة الملكية و جوهرها . إلا أن الدارس يختلف مع النتائج السابقة و ينحو منحى آخر فى هذا المقال و من هنا يفضل الدارس أن بقصر دراسته الموجزة على نشأة الملكية فى العصر العتيق نظرا لأهمية تلك الفترة التى تبلورت فيها كل أو معظم الأساسيات الفكرية و العملية للحضارة المصرية و لذلك أطرح على القارىء الكريم التساؤلات التالية : هل قداسة الملك منذ بدايات العصر العتيق ناجمة عن كونه يتمتع بقدرات فائقة عن البشر ؟ أم أن هذه السمات الخارقة التى نسبها إليه أتباعه كانت بهدف تحقيق مسئولياته و واجباته تجاه الرعية ؟ و كيف إستطاع ملوك مصر منذ العصر العتيق إقناع الشعب بقداستهم المزعومة ؟
تشير أسماء ملوك الأسرة ( صفر ) و بداية الأسرات إلى أن ( القوة و الهيمنة ) هما النواة التى تبلور حولها مفهوم الملكية منذ العصر العتيق ، فقد تسمى عدد من زعماء الأسرة ( صفر ) و ملوك بداية الأسرات بأسماء تحمل معانى ( القوة و القتال و الهيمنة ) مثل ( التمساح ) و ( العقرب ) و ( المحارب ) و ( الثعبان ) و ( المرعب ) ...... إلخ . كما أن اللقب الحورى إرتبط منذ البداية بصفات أشارت للملك على أنه ( قوى الساعد ) و ( الفحل القوى ) ، مما يعنى ( الملكية فى العصر العتيق كان قوامها القوة و أن القداسة عنصر يكمل الشكل ) و إستقر منذ العصر العتيق أن الملك هو شخصية مسئولية مدركة لأبعاد المهام المكلفة بها عاملة بدأب و إصرار على الإيفاء بمتطلبات المنصب .
أما بالنسبة للقوة الملكية ، فينبغى أن نشير إلى حقيقة لا مراء فيها : أن الملكية منذ نشأتها الأولى خلال عصر الأسرة ( صفر ) كان جوهرها ( القوة القادرة على تحقيق الإنجاز المذهل ) ذلك أنها مصعدة من ( بعض الصراعات الإقليمية كانت الغلبة فيها للأقوى ) و أن الشكل المقدس و الذى حظى بإهتمام زائد لا يمثل إلا ( القشرة الخارجية ) التى غلفت الملكية لإستكمال المظهر كى يتلائم مع خطورة المنصب و مسئولياته و بمعنى آخر : إذا لم يستطع الملك القيام بأعباء المنصب و إظهار قوته المتمثلة فى تحقيق الإنجازات سقطت عنه قداسته الشكلية و فقد شرعيته .
و مما لاشك فيه أن أقدم واجبات المنصب الملكى سجلت على ( حجر بالرمو ) حيث دونت رحلة هامة تخص ملوك العصر العتيق تعرف برحلة ( الشمسو حور ) أى جولة أتباع حورس - حكام الأقاليم - ، وكانت تمثل حادثة ثابتة تتم مرة كل عامين و هى عبارة عن رحلة نيلية يقوم بها الملك بصفته ( حورس ) مع أتباعه من حكام الأقاليم يتفقد خلالها أقاليم مصر المختلفة تتعلق بجباية الضرائب و الإطمئنان على إستقرار الأحوال و دقة تنفيذ القوانين بل و تزويد و إعطاء كل إقليم بما يحتاجه من مستلزمات إقتصادية و مشاريع زراعية مما يعنى أن هناك حاجة إلى إقرار الأوضاع و أن هذا كان يتم بمشاركة شخصية من الملك بإعتباره المسئول الأول عن إرساء النظم و الأمور فى مصر .
إن أول الأعياد الملكية المعروفة منذ عصر ماقبيل الأسرات و بداية العصر العتيق هو ( الحب سد ) و يترجم إصطلاحا ( العيد الثلاثينى ) و يختص بإعادة تتويج الملك بعد أن يتم فترة ثلاثين عاما فى الحكم لكى يجدد شبابه و حيويته مرة أخرى و تتضمن طقوس هذا العيد طقسة ( يرى البعض أنها شكلية و ليست فعلية ) يصارع فيها الملك ثورا قويا ليدلل على ( لياقته البدنية ) و أنه لايزال يتمتع بالقوة التى تؤهله للإستمرار فى الحكم و تحمل أعبائه و ذلك أن شباب الدولة و حيويتها يرتبط بشباب الملك و سعيه و نشاطه مما يعنى أن مصلحة البلاد هى الأساس و تأتى فى المقدمة و أن الملك رغم ماتمتع به من ( قداسة ) و ( سلطة ) فإن تواجده فى الحكم مرهون بقدرته على ( تحمل مسئوليات هذا المنصب ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق