بسم الله الرحمن الرحيم
( مفهوم الأسطورة فى الحضارات البشرية القديمة )
................................... إعتبرت الأسطورة واحدة من أهم ظواهر الحضارات الإنسانية على الإطلاق ، و نظر إليها البعض - عن سوء فهم - على أنها حكاية خرافية مختلقة لا تعكس حقائق تاريخية و تشير إلى طفولية الفكر البشرى فى مرحلة من مراحل وجوده التاريخى فى الأرض و لذلك سيتناول الدارس مفهوم الأسطورة محاولا أن يرد اعتبار الإنسان القديم الذى قام بتأليفها فى فترات تاريخية ماضية لحاجته إليها ، فكانت تعبر عن افكاره الإجتماعية و معتقداته الدينية و علومه الدنيوية و أهدافه السياسية و لذلك و بعد أن قضى الباحث وقتا طويلا فى دراسة علم الميثولوجى يمكن له أن يبدأ بتعريف مبدئى للأسطورة و هو ( حكاية دينية مقدسة تلعب الكائنات الماورائية - الآلهة - أدوارها الرئيسية و لايكون ظهور الإنسان على مسرح أحداثها إلا ثانويا ) و لكن السؤال الذى يطرح نفسه : كيف نتعرف على الأسطورة ؟ و ماهى سماتها الرئيسية ؟ ........... إن معظم الدراسات الميثولوجية لا تتفق على تعريف واضح و محدد للأسطورة ، كما أنها لا تنفذ إلى أعماقها لكى تستشف ملامحها العامة و من وجهة نظر الباحث تكمن طبيعة هذه الإشكالية عند القدماء أنفسهم ، فلم يقوموا أبدا بتحديد واضح لهذا المصطلح و لم يعملوا على تمييز النص الأسطورى عن غيره من النصوص الأخرى ذات الطبيعة المختلفة ، و لكن سيتقدم الدارس بطرح رؤيته لهذه المسألة ، كما تشكلت لديه بعد تفرغ طويل لدراسة علم الميثولوجى كاشفا عن سمات رئيسية فى الأسطورة و هى : 1 - من حيث الشكل ، الأسطورة هى قصة تحكمها مبادىء السرد القصصى من حبكة و عقدة و شخصيات و ابطال و ما إليها و غالبا مايجرى صياغتها فى قالب شعرى يساعد على ترتيلها فى مناسبات دينية محددة . 2 - يحافظ النص الأسطورى على ثباته عبر فترة طويلة من الزمن و تتناقل الأجيال الأسطورة طالما حافظت على طاقها الإيحائية بالنسبة للجماعة ، فالأسطورة الأوزيرية - على سبيل المثال - ظهرت بداياتها الأولى فى نهاية عصر الدولة القديمة و استمرت حتى نهاية الحضارة المصرية القديمة ، غير أن خاصية الثبات الأسطورى لاتعنى الجمود أو التحجر ، لأن الفكر الأسطورى يتابع على الدوام خلق أساطير جديدة من الأسطورة القديمة طالما كانت هناك حاجة إجتماعية او سياسية أو دينية تبرر ذلك التغيير ، فأسطورة أوزير كانت معطياتها تتعدل و تتطور من عصر لآخر . 3 - لا يوجد مؤلف للأسطورة ، لأنها ليست نتاج إبداع فردى ، بل هى ظاهرة جمعية يخلقها الخيال المشترك للجماعة ، فهى تعبر عن تأملاتهم و أهدافهم و توجهاتهم و عواطفهم . 4 - يلعب الآلهة و أنصاف الآلهة الأدوار الرئيسية فى الأسطورة ، فإذا ظهر الإنسان على مسرح الأحداث كان ظهوره مكملا لا رئيسيا . 5 - تتميز موضوعات الأسطورة بقضايا تهم الإنسان القديم فهى تبحث فى كيفية نشأة العالم و معنى الحياة و سر الوجود و قضية الموت و العالم الآخر . 6 - تقع أحداث الأسطورة فى زمن مقدس هو غير الزمن الحالى و مع ذلك فإن مضامينها أكثر مصداقية - بالنسبة لمن يؤمن بها - من مضامين الروايات التاريخية فقد يشكك هذا المؤمن بأية رواية تاريخية و يعطى لنفسه الحق فى تصديقها او تكذيبها لكن الشك لايتطرق اليه ابدا ( إذا كان مصريا ) بأن الكون كان فى البداية مجرد مياه أزلية قديمة لا حراك و لاحياة فيها و أن هذه المياه إنحسرت فظهرت الربوة الأولى التى تجلى عليها الإله الأول . 7 - إن رسالة الأسطورة غير مرتبطة بزمن معين ، بل هى رسالة سرمدية خالدة فهى لا تقص عن ماجرى فى الماضى و انتهى بل تحكى عن امر ماثل إلى الأبد لا يتحول إلى ماض فأسطورة هلاك البشرية عند المصرى القديم لم تكن مجرد عقاب وقع فى الزمن الماضى على البشر الذين سخروا من إله الشمس ( رع ) ، بل إن ذلك العقاب الإلهى ممكن حدوثه مرة أخرى فهو نذير دائم بسطوة القدر و تحذير من الغضب الإلهى تجاه البشر إن عادوا لمثل هذه الممارسات مرة أخرى كما أن فعل خلق الكون الذى تم فى الزمان الأول لم يقع مرة واحدة و انتهى بل أن هذا الفعل يقوم به الإله الأول على الدوام عند بداية كل سنة جديدة او عند بداية كل فيضان جديد أو عند شروق الشمس يوميا . 8 - تتمتع الأسطورة بقدسية و سلطة عظيمة على عقول الناس و نفوسهم فمما لاشك فيه أن السطوة التى تمتعت بها الأسطورة فى الماضى ، لا يضاهيها سوى سطوة العلم العلم فى العصر الحديث فنحن نؤمن اليوم بوجود الجراثيم و بقدرتها على تسبيب المرض و بأن الكون مؤلف من مليارات المجرات . و ذلك لأن العلم قال لنا ذلك اما فى الماضى فقد آمن الإنسان القديم بكل العوالم التى نقلتها له الأسطورة مثلما نؤمن اليوم بما ينقله لنا العلم و العلماء فقد كان الكفر بمضامين الأسطورة هو الكفر بكل القيم التى تشد الفرد إلى جماعته و ثقافته و فقدانا للتوجه السليم فى الحياة .
( مفهوم الأسطورة فى الحضارات البشرية القديمة )
................................... إعتبرت الأسطورة واحدة من أهم ظواهر الحضارات الإنسانية على الإطلاق ، و نظر إليها البعض - عن سوء فهم - على أنها حكاية خرافية مختلقة لا تعكس حقائق تاريخية و تشير إلى طفولية الفكر البشرى فى مرحلة من مراحل وجوده التاريخى فى الأرض و لذلك سيتناول الدارس مفهوم الأسطورة محاولا أن يرد اعتبار الإنسان القديم الذى قام بتأليفها فى فترات تاريخية ماضية لحاجته إليها ، فكانت تعبر عن افكاره الإجتماعية و معتقداته الدينية و علومه الدنيوية و أهدافه السياسية و لذلك و بعد أن قضى الباحث وقتا طويلا فى دراسة علم الميثولوجى يمكن له أن يبدأ بتعريف مبدئى للأسطورة و هو ( حكاية دينية مقدسة تلعب الكائنات الماورائية - الآلهة - أدوارها الرئيسية و لايكون ظهور الإنسان على مسرح أحداثها إلا ثانويا ) و لكن السؤال الذى يطرح نفسه : كيف نتعرف على الأسطورة ؟ و ماهى سماتها الرئيسية ؟ ........... إن معظم الدراسات الميثولوجية لا تتفق على تعريف واضح و محدد للأسطورة ، كما أنها لا تنفذ إلى أعماقها لكى تستشف ملامحها العامة و من وجهة نظر الباحث تكمن طبيعة هذه الإشكالية عند القدماء أنفسهم ، فلم يقوموا أبدا بتحديد واضح لهذا المصطلح و لم يعملوا على تمييز النص الأسطورى عن غيره من النصوص الأخرى ذات الطبيعة المختلفة ، و لكن سيتقدم الدارس بطرح رؤيته لهذه المسألة ، كما تشكلت لديه بعد تفرغ طويل لدراسة علم الميثولوجى كاشفا عن سمات رئيسية فى الأسطورة و هى : 1 - من حيث الشكل ، الأسطورة هى قصة تحكمها مبادىء السرد القصصى من حبكة و عقدة و شخصيات و ابطال و ما إليها و غالبا مايجرى صياغتها فى قالب شعرى يساعد على ترتيلها فى مناسبات دينية محددة . 2 - يحافظ النص الأسطورى على ثباته عبر فترة طويلة من الزمن و تتناقل الأجيال الأسطورة طالما حافظت على طاقها الإيحائية بالنسبة للجماعة ، فالأسطورة الأوزيرية - على سبيل المثال - ظهرت بداياتها الأولى فى نهاية عصر الدولة القديمة و استمرت حتى نهاية الحضارة المصرية القديمة ، غير أن خاصية الثبات الأسطورى لاتعنى الجمود أو التحجر ، لأن الفكر الأسطورى يتابع على الدوام خلق أساطير جديدة من الأسطورة القديمة طالما كانت هناك حاجة إجتماعية او سياسية أو دينية تبرر ذلك التغيير ، فأسطورة أوزير كانت معطياتها تتعدل و تتطور من عصر لآخر . 3 - لا يوجد مؤلف للأسطورة ، لأنها ليست نتاج إبداع فردى ، بل هى ظاهرة جمعية يخلقها الخيال المشترك للجماعة ، فهى تعبر عن تأملاتهم و أهدافهم و توجهاتهم و عواطفهم . 4 - يلعب الآلهة و أنصاف الآلهة الأدوار الرئيسية فى الأسطورة ، فإذا ظهر الإنسان على مسرح الأحداث كان ظهوره مكملا لا رئيسيا . 5 - تتميز موضوعات الأسطورة بقضايا تهم الإنسان القديم فهى تبحث فى كيفية نشأة العالم و معنى الحياة و سر الوجود و قضية الموت و العالم الآخر . 6 - تقع أحداث الأسطورة فى زمن مقدس هو غير الزمن الحالى و مع ذلك فإن مضامينها أكثر مصداقية - بالنسبة لمن يؤمن بها - من مضامين الروايات التاريخية فقد يشكك هذا المؤمن بأية رواية تاريخية و يعطى لنفسه الحق فى تصديقها او تكذيبها لكن الشك لايتطرق اليه ابدا ( إذا كان مصريا ) بأن الكون كان فى البداية مجرد مياه أزلية قديمة لا حراك و لاحياة فيها و أن هذه المياه إنحسرت فظهرت الربوة الأولى التى تجلى عليها الإله الأول . 7 - إن رسالة الأسطورة غير مرتبطة بزمن معين ، بل هى رسالة سرمدية خالدة فهى لا تقص عن ماجرى فى الماضى و انتهى بل تحكى عن امر ماثل إلى الأبد لا يتحول إلى ماض فأسطورة هلاك البشرية عند المصرى القديم لم تكن مجرد عقاب وقع فى الزمن الماضى على البشر الذين سخروا من إله الشمس ( رع ) ، بل إن ذلك العقاب الإلهى ممكن حدوثه مرة أخرى فهو نذير دائم بسطوة القدر و تحذير من الغضب الإلهى تجاه البشر إن عادوا لمثل هذه الممارسات مرة أخرى كما أن فعل خلق الكون الذى تم فى الزمان الأول لم يقع مرة واحدة و انتهى بل أن هذا الفعل يقوم به الإله الأول على الدوام عند بداية كل سنة جديدة او عند بداية كل فيضان جديد أو عند شروق الشمس يوميا . 8 - تتمتع الأسطورة بقدسية و سلطة عظيمة على عقول الناس و نفوسهم فمما لاشك فيه أن السطوة التى تمتعت بها الأسطورة فى الماضى ، لا يضاهيها سوى سطوة العلم العلم فى العصر الحديث فنحن نؤمن اليوم بوجود الجراثيم و بقدرتها على تسبيب المرض و بأن الكون مؤلف من مليارات المجرات . و ذلك لأن العلم قال لنا ذلك اما فى الماضى فقد آمن الإنسان القديم بكل العوالم التى نقلتها له الأسطورة مثلما نؤمن اليوم بما ينقله لنا العلم و العلماء فقد كان الكفر بمضامين الأسطورة هو الكفر بكل القيم التى تشد الفرد إلى جماعته و ثقافته و فقدانا للتوجه السليم فى الحياة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق