بسم الله الرحمن الرحيم
( لاهوت الشمس الجديد فى عصر العمارنة )
...................................... هل كانت المفاهيم الدينية لعقيدة الشمس فى عصر العمارنة معروفة لدى المصرى القديم قبل ذلك العصر ؟ ............ لقد كان المسار الشمسى ذو أبعاد دينية و سياسية لدى المصرى القديم فى عصر الدولة الحديثة ( انظر مقال المعنى الأسطورى لرحلة الشمس فى عصر الدولة الحديثة ) ، فإستمرارية حركة الشمس فى الكون يعنى القضاء على أعدائها الكونيين الذين يعرقلون مسيرتها مما يؤدى إلى توقف دائرة الزمن و إنهيار الكون ، و لم يكن إله الشمس ( رع ) يشارك بمفرده فى تلك الرحلة ، بل كان يشاركه عدد آخر من المعبودات ذات الصلة بالديانة الشمسية حيث كانت تتولى مهام الدفاع عن قارب الشمس فى جولتيه النهارية و الليلية ، إلا أن التصور الدينى الجديد الذى أنشئه الملك ( إخناتون ) يشير إلى أن الشمس تسير وحدها فى السماء لذلك نقرأ فى أناشيده الشمسية :
( لقد ظهرت ياأتون فى السماء و كنت وحيدا ) .................. و فى الواقع أن ذلك التصور الشمسى الجديد لم يكن يألفه المصرى القديم من قبل ، فهنا نرى الملك ( إخناتون ) و هو يقوم بإبعاد جميع الآلهة عن الرحلة الشمسية ، و لم يكتفى بهذا الحد ، بل أزال كل الصور الأسطورية القديمة من النصوص و المناظر الشمسية الجديدة ، فلم تعد هناك أم تلد إله الشمس فى جوف السماء ، و لاوجود لمرضعة تقوم بتربيته و رعايته ، و لم تعد هناك مملكة للأموات تهبط إليها الشمس فى عالم سفلى ، و مما لاشك فيه أن هذه التصورات الجديدة كانت بمثابة تجديد عقائدى لم يعهده المصرى القديم قبل عصر العمارنة ، و كانت هذه الأفكار ترتكز على أن آتون يخلق العالم كل يوم بفضل شروق الشمس و نشر أشعتها على الأرض، فنقرأ فى أناشيد العمارنة : ( البشر يستيقظون صباحا فيغسلون أجسادهم و يرتدون ملابسهم و يذهبون إلى أعمالهم و الحيوانات تقفز هنا و هناك و تصعد الطيور محلقة فى الهواء هنا و هناك و يتحرك السمك فى الماء ) ...... و نجد هنا أن المعنى اللاهوتى الشمسى يكمن فى إعتبار الحياة ( نعمة من الإله - آتون - الذى يحافظ على إنسجام و توافق جميع المخلوقات التى تخضع لنور الشمس كل يوم ) فمن يسقط عليه ضياء الشمس فهو من خلق ( آتون ) ينعم بفضله فى الحياة .
عطفا على ماسبق ، يمكن القول بأن مفهوم الظلام فى اللاهوت الشمسى الجديد لم يعد له وجود ، فالظلام هو أصل الشر و الكوارث التى تقع فى عالم الدنيا ، ( فالأسود تخرج من عرينها ، و الثعابين تنتشر فى الحقول ، و يعبث اللصوص فى جنح الظلام ) و من هنا وجه الملك نقدا غير مباشر لعقيدة ( الإله آمون ) فى أناشيده ، فلم يكن ذلك المعبود سوى تجسيد لمفهوم ( الخفاء ) ، فإسمه الدينى المركب ( آمون رع ) يعنى حرفيا : خفاء الشمس ، و لم يكن هذا التصور يتناسب مع معطيات عصر العمارنة ، فخفاء الشمس فى الظلام يعنى وقوع المصائب و انتشار الجرائم و توقف مخلوقات آتون عن النشاط و الحركة ، كما تجاهل الملك دور ( المعبود أوزير ) فى العالم الآخر ، فلم نعد نرى المتوفى ماثلا أمام المحكمة الأوزيرية و لم يصبح أوزير مسيطرا على عالم سفلى ( دات ) و لا وجود ( لحقول إيارو ) يتنعم فيها المتوفى ، و من هنا نؤكد على إنكار الملك لمفهوم دينى قديم يرى أصحابه أن الشمس تتجدد فى ظلام عالم ( الدات ) السفلى بعد غروبها ، فلم يعد المظهر الليلى للشمس هو سبب نشاطها و تجديدها الباعث على شروقها فى صباح اليوم التالى ، و لكنها - طبقا لعقيدة العمارنة - تغيب حتى تستريح حيث تظل الشمس عند الأفق الغربى فى حالة ( راحة و إستقرار ) و لايعلن الملك أى شىء عن مصيرها و كيفية إنتقالها من الأفق الغربى و حتى شروقها من الأفق الشرقى ، و لكن ينبغى لنا أن نشير إلى تجدد دينى هام : ( إن الخطاب الملكى للعمارنة لم يتحدث عن بقاء الشمس فى عالم سفلى ، و لكنها تستقر فقط فى - آخت أتون - أى فى عاصمته الدينية و السياسية الجديدة ) فمن يدفن فى رحاب العمارنة فهو فى أفق آتون ينتظر شروقها حتى يستيقظ فى عالمه الآخر .
و لايجب أن نغفل التجديد الدينى الذى نادى به الملك فيما يتعلق بمصير الموتى فى العالم الآخر و فقا لرؤية المعتقدات الشمسية الجديدة ، لقد كانت مملكة الموتى تقع فى معبد ( آتون ) فى مدينة العمارنة ، فعندما يشرق ( آتون ) فى الصباح فهو يملأ المعبد بضوئه و وجوده الدائم و من هنا يتلقى القرابين من المقدمة من الملك و زوجته و يفى بإحتياجات كل من الأحياء و الأموات و لذلك نقرأ فى نقوش مقابر كبار رجال الدولة فى العمارنة أن أرواح الموتى تستدعى من مقابرها لكى تذهب إلى المعبد فتستقبل غذائها هناك ، بينما يستمر آتون فى إمدادها بأنفاس الحياة الضرورية و لاشك أن هذا الدور الجديد للروح التى تدخل المعبد فى حرية و تقدر على تلقى كل أنواع القرابين هو و ضع خاص لفترة العمارنة . إن المعتقدات الشمسية الجديدة لعالم الموتى يكمن لنا تلخيصها بمنتهى البساطة كالتالى :
1 - ينام الموتى أثناء الليل فى قبورهم .
2 - يستسقظ المتوفى بفضل أشعة آتون داخل مقبرته فيقف على قدميه و يتعبد له .
3- يخرج المتوفى من المقبرة و يصطحب العائلة الملكية و (آتون ) إلى معبد الشمس الكبير حيث كانت توجد كل المؤن
4 - ينعم المتوفى بغذاء كامل بفضل ( آتون و الملك ) .
5 - يظل المتوفى داخل المعبد إلى أن تخرج العائلة الملكية و تعود إلى القصر الملكى و هنا يتجه المتوفى إلى بيته ( مقبرته ) .
إن عالم الموتى فى العمارنة لم يعد متميزا عن عالم الأحياء ، فكان ( آتون ) النهار يشرق على كليهما ، فما كان يفعله المتوفى خلال حياته فى ( آخت آتون ) ، سيقوم بتأديته أيضا فى حياته الأخرى ، و أن حياة الإنسان فى دنياه و آخرته تعتمد فقط على ( الضياء ) ، فالنور الشمسى هو مبدأ النجاة و وسيلة الإنقاذ الوحيدة و كان ذلك هو إكتشاف الملك فى عصر العمارنة .
( لاهوت الشمس الجديد فى عصر العمارنة )
...................................... هل كانت المفاهيم الدينية لعقيدة الشمس فى عصر العمارنة معروفة لدى المصرى القديم قبل ذلك العصر ؟ ............ لقد كان المسار الشمسى ذو أبعاد دينية و سياسية لدى المصرى القديم فى عصر الدولة الحديثة ( انظر مقال المعنى الأسطورى لرحلة الشمس فى عصر الدولة الحديثة ) ، فإستمرارية حركة الشمس فى الكون يعنى القضاء على أعدائها الكونيين الذين يعرقلون مسيرتها مما يؤدى إلى توقف دائرة الزمن و إنهيار الكون ، و لم يكن إله الشمس ( رع ) يشارك بمفرده فى تلك الرحلة ، بل كان يشاركه عدد آخر من المعبودات ذات الصلة بالديانة الشمسية حيث كانت تتولى مهام الدفاع عن قارب الشمس فى جولتيه النهارية و الليلية ، إلا أن التصور الدينى الجديد الذى أنشئه الملك ( إخناتون ) يشير إلى أن الشمس تسير وحدها فى السماء لذلك نقرأ فى أناشيده الشمسية :
( لقد ظهرت ياأتون فى السماء و كنت وحيدا ) .................. و فى الواقع أن ذلك التصور الشمسى الجديد لم يكن يألفه المصرى القديم من قبل ، فهنا نرى الملك ( إخناتون ) و هو يقوم بإبعاد جميع الآلهة عن الرحلة الشمسية ، و لم يكتفى بهذا الحد ، بل أزال كل الصور الأسطورية القديمة من النصوص و المناظر الشمسية الجديدة ، فلم تعد هناك أم تلد إله الشمس فى جوف السماء ، و لاوجود لمرضعة تقوم بتربيته و رعايته ، و لم تعد هناك مملكة للأموات تهبط إليها الشمس فى عالم سفلى ، و مما لاشك فيه أن هذه التصورات الجديدة كانت بمثابة تجديد عقائدى لم يعهده المصرى القديم قبل عصر العمارنة ، و كانت هذه الأفكار ترتكز على أن آتون يخلق العالم كل يوم بفضل شروق الشمس و نشر أشعتها على الأرض، فنقرأ فى أناشيد العمارنة : ( البشر يستيقظون صباحا فيغسلون أجسادهم و يرتدون ملابسهم و يذهبون إلى أعمالهم و الحيوانات تقفز هنا و هناك و تصعد الطيور محلقة فى الهواء هنا و هناك و يتحرك السمك فى الماء ) ...... و نجد هنا أن المعنى اللاهوتى الشمسى يكمن فى إعتبار الحياة ( نعمة من الإله - آتون - الذى يحافظ على إنسجام و توافق جميع المخلوقات التى تخضع لنور الشمس كل يوم ) فمن يسقط عليه ضياء الشمس فهو من خلق ( آتون ) ينعم بفضله فى الحياة .
عطفا على ماسبق ، يمكن القول بأن مفهوم الظلام فى اللاهوت الشمسى الجديد لم يعد له وجود ، فالظلام هو أصل الشر و الكوارث التى تقع فى عالم الدنيا ، ( فالأسود تخرج من عرينها ، و الثعابين تنتشر فى الحقول ، و يعبث اللصوص فى جنح الظلام ) و من هنا وجه الملك نقدا غير مباشر لعقيدة ( الإله آمون ) فى أناشيده ، فلم يكن ذلك المعبود سوى تجسيد لمفهوم ( الخفاء ) ، فإسمه الدينى المركب ( آمون رع ) يعنى حرفيا : خفاء الشمس ، و لم يكن هذا التصور يتناسب مع معطيات عصر العمارنة ، فخفاء الشمس فى الظلام يعنى وقوع المصائب و انتشار الجرائم و توقف مخلوقات آتون عن النشاط و الحركة ، كما تجاهل الملك دور ( المعبود أوزير ) فى العالم الآخر ، فلم نعد نرى المتوفى ماثلا أمام المحكمة الأوزيرية و لم يصبح أوزير مسيطرا على عالم سفلى ( دات ) و لا وجود ( لحقول إيارو ) يتنعم فيها المتوفى ، و من هنا نؤكد على إنكار الملك لمفهوم دينى قديم يرى أصحابه أن الشمس تتجدد فى ظلام عالم ( الدات ) السفلى بعد غروبها ، فلم يعد المظهر الليلى للشمس هو سبب نشاطها و تجديدها الباعث على شروقها فى صباح اليوم التالى ، و لكنها - طبقا لعقيدة العمارنة - تغيب حتى تستريح حيث تظل الشمس عند الأفق الغربى فى حالة ( راحة و إستقرار ) و لايعلن الملك أى شىء عن مصيرها و كيفية إنتقالها من الأفق الغربى و حتى شروقها من الأفق الشرقى ، و لكن ينبغى لنا أن نشير إلى تجدد دينى هام : ( إن الخطاب الملكى للعمارنة لم يتحدث عن بقاء الشمس فى عالم سفلى ، و لكنها تستقر فقط فى - آخت أتون - أى فى عاصمته الدينية و السياسية الجديدة ) فمن يدفن فى رحاب العمارنة فهو فى أفق آتون ينتظر شروقها حتى يستيقظ فى عالمه الآخر .
و لايجب أن نغفل التجديد الدينى الذى نادى به الملك فيما يتعلق بمصير الموتى فى العالم الآخر و فقا لرؤية المعتقدات الشمسية الجديدة ، لقد كانت مملكة الموتى تقع فى معبد ( آتون ) فى مدينة العمارنة ، فعندما يشرق ( آتون ) فى الصباح فهو يملأ المعبد بضوئه و وجوده الدائم و من هنا يتلقى القرابين من المقدمة من الملك و زوجته و يفى بإحتياجات كل من الأحياء و الأموات و لذلك نقرأ فى نقوش مقابر كبار رجال الدولة فى العمارنة أن أرواح الموتى تستدعى من مقابرها لكى تذهب إلى المعبد فتستقبل غذائها هناك ، بينما يستمر آتون فى إمدادها بأنفاس الحياة الضرورية و لاشك أن هذا الدور الجديد للروح التى تدخل المعبد فى حرية و تقدر على تلقى كل أنواع القرابين هو و ضع خاص لفترة العمارنة . إن المعتقدات الشمسية الجديدة لعالم الموتى يكمن لنا تلخيصها بمنتهى البساطة كالتالى :
1 - ينام الموتى أثناء الليل فى قبورهم .
2 - يستسقظ المتوفى بفضل أشعة آتون داخل مقبرته فيقف على قدميه و يتعبد له .
3- يخرج المتوفى من المقبرة و يصطحب العائلة الملكية و (آتون ) إلى معبد الشمس الكبير حيث كانت توجد كل المؤن
4 - ينعم المتوفى بغذاء كامل بفضل ( آتون و الملك ) .
5 - يظل المتوفى داخل المعبد إلى أن تخرج العائلة الملكية و تعود إلى القصر الملكى و هنا يتجه المتوفى إلى بيته ( مقبرته ) .
إن عالم الموتى فى العمارنة لم يعد متميزا عن عالم الأحياء ، فكان ( آتون ) النهار يشرق على كليهما ، فما كان يفعله المتوفى خلال حياته فى ( آخت آتون ) ، سيقوم بتأديته أيضا فى حياته الأخرى ، و أن حياة الإنسان فى دنياه و آخرته تعتمد فقط على ( الضياء ) ، فالنور الشمسى هو مبدأ النجاة و وسيلة الإنقاذ الوحيدة و كان ذلك هو إكتشاف الملك فى عصر العمارنة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق