الاثنين، 10 أكتوبر 2011

شعيرة الإلهة الأم فى مصر فى عصور ماقبل التاريخ

بسم الله الرحمن الرحيم

( شعيرة الإلهة الأم فى مصر فى عصور ماقبل التاريخ )

.............................. ظهرت عقيدة الإلهة الأم فى مناطق مختلفة من العالم القديم منذ العصر الحجرى القديم الأعلى و لاسيما فى أوروبا حيث نشأت هناك أقدم شعائر دينية معروفة وجهت لإله أنثى تصور فكرة ( أم كبرى ) و إعتبرت أم للطبيعة و المخلوقات ، فكان لها دور كإلهة خصوبة و سيدة للحيوانات و سيدة عالم النبات بل و أم للقبيلة إلى جانب دورها الجنزى كأم تعيد ميلاد المتوفى . و لم تكن عقيدة ( الإلهة الأم ) غائبة عن مصر حيث تؤرخ أقدم التماثيل الخاصة بهذه العقيدة بالعصر الحجرى النحاسى ( حوالى 4200 قبل الميلاد ) و إن وجدت بعض الإشارات تؤكد معرفة شعيرة الأمومة فى مصر منذ نهايات العصر الحجرى القديم الأعلى فى منطقة ( القرطة ) فى ( كوم امبو ) و تؤرخ بحوالى 13000 قبل الميلاد حيث وضع إنسان القرطة أولى النقوش التخطيطية البسيطة التى صورت ملامح انثوية لمعبودة أم تشابهت فنيا مع نظيرتها الأوروبية التى ترجع لنفس العصر مما يعكس ان مصر لم تكن غائبة عن مشهد بدايات عقيدة الإلهة الأم فى العصر الحجرى القديم الأعلى . جدير بالذكر أن هذه العقيدة إنتشرت فى وادى النيل و الدلتا فى عصور ماقبل الأسرات بداية من حضارة نقادة الأولى ( حوالى 3900 قبل الميلاد ) و ارتبطت أغلب الظن بإعادة ميلاد المتوفى حيث يدفع إلى ذلك الظن الإعتبارات التالية : 1 - العثور على تماثيل الإلهة الأم فى دفنات . 2 - يرى البعض أن عادة دفن المتوفى فى وضع القرفصاء هو وضع يشبه الجنين فى بطن أمه ؟ . 3 - العثور على أوانى فى هيئة ثديين أو ذات ثديين متدليين بما يشير إلى إرضاع المتوفى فى العالم الآخر .................... إلا أن الألهة الأم فى مصر كان لها دور عقائدى مغاير عن الدور الذى لعبته فى مناطق أخرى من العالم القديم ، فهى لم ترتبط بالأرض أو لم تكن محتضنة للموت كما ظهرت فى جهات أخرى بهذه الوظيفة فى عصور ماقبل التاريخ ، و سبب ذلك يرجع إلى سيطرة شعيرة الشمس فى مصر التى جعلت ( نوت ) هى الإلهة الأم التى تلد قرص الشمس ( رع ) كل يوم ، و من هنا إرتبطت إلهة السماء بالشعائر الجنزية كربة حامية للمتوفى تقوم بإعادة ميلاده مرة أخرى بينما لعب ( جب ) دور إله الأرض الذكر و ذلك على العكس تماما من كثير من ميثولوجيات العالم القديم حيث كانت الأنثى هى دائما ربة الأرض .................... و رغم أن الإلهة فى مصر لم تكن هى الخالق للحياة إلا أنها كانت أما إلهية تنجب المعبودات ، إلهة أم للملك ( فى العصور التاريخية ) ، إلهة أم للمتوفى ، إلهة راعية للحمل و الولادة بل و حارسة للحياة الجنسية . و فى واقع الأمر أن إنسان ذلك العصر الذى كان يبحث عن إستمرارية وجوده ، نظر إلى ( أم ) تعيد ولادته من جديد و من هنا و وضع تمثالها فى المقبرة ، إلا اننا نؤكد على حقيقة هامة : هذه الأم لم تكن أما له فى العالم الآخر فقط و إنما لعبت نفس الدور فى عالمه الأول فلا يستبعد أنها ضمنت إستمرار الخصوبة البشرية من خلال الرمزية الأنثوية التى جعلته يشكل بعض أوانيه فى هيئة ثدى أنثوى . كما كان وجودها مصورة على فخار حضارة نقادة الثانية ( تبدأ حوالى 3600 قبل الميلاد ) بجوار صورة الزعيم أمرا مثيرا للتساؤل لدى علماء ماقبل التاريخ حيث رجح البعض منهم الطرح القائل بأنها لعبت دورا بالنسبة لقائد الجماعة فى تؤيده و تقوده فى كل أفعاله و إنجازاته و ربما كانت أما له ، و مما لاشك فيه أن الفنان المصرى القديم فى عصور ماقبل الأسرات قام بنحت تماثيل لهذه المعبودة ظهرت معظمها فى هيئة راقصات ! و لم يكتفى بذلك الوضع فقط فى مجال النحت بل صورها فى نفس الوضع كمناظر على فخار حضارتى نقادة الأولى و الثانية ( بداية من 3900 و حتى 3200 قبل الميلاد ) و يرى الدارس أن تماثل و مناظر الراقصات على الفخار إرتبطت أيضا بالطور الجنزى و إعادة ميلاد المتوفى للأسباب الآتية : 1 - العثور على التماثيل فى دفنات . 2 - ظهرت هذه الراقصات و هى ترفع ذراعيها لأعلى بما يشبه هيئة قرنى البقرة ، و ربما بما يمثل عضو التأنيث رمزا لإعادة الميلاد . 3 - تمثيل نصف الجسد السفلى جامدا و ملونا باللون الأبيض ( لون العظام ) و النصف العلوى متحركا ( رفع الذراعين لأعلى ) و ملونا باللون الأحمر ( لون الحياة ) ، و كأن الحياة تخرج من الموت . 4 - ربما يشير و ضع الذراعين لأعلى إلى مساعدة المتوفى فى الصعود نحو السماء .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق