بسم الله الرحمن الرحيم
( علاقات الهكسوس الخارجية و الداخلية خلال عصر الإنتقال الثانى )
......... لم يعد ثمة مجال للفكرة القديمة التى جعلت عصر الدولة الوسطى ينتهى بأفول الأسرة الثانية عشرة ، و خاصة بعد إكتشاف آثار ملوك الأسرتين الثالثة عشرة و الرابعة عشرة فى أرجاء مصر كلها ، مما يعكس وجود سلطة مركزية ( و لو شكلية ؟ ) فى تلك الفترة . و من هنا فإن علماء المصريات ( ومنهم العالمة دوروتيا أرنولد ) يتفقون على تحديد نهاية عصر الدولة الوسطى و بداية عصر الإنتقال الثانى ببدايات عصر الأسرة الخامسة عشرة ، وهى الفترة التى تبدأ بوجود الهكسوس فى مصر . و إذا قبلنا الإتجاه العلمى الجديد للمدرستين الألمانية و الإنجليزية بأن الهكسوس جاءوا إلى مصر على شكل جماعات متفرقة على مراحل و ليس على شكل غزوة جماعية منظمة فإنه يصعب تحديد الزمن الذى بدأ فيه توافدهم نحو مصر لأن ذلك الحدث قد إستغرق مرحلة زمنية غير محددة ، إلا انه ربما أمكن تحديد تاريخ إرتقاء زعمائهم السلطة فى شرق الدلتا ( مقر إستيطانهم الرئيسى ) و لو بشىء من التقريب فى ضوء الأثر الشهير المعروف بإسم ( لوحة الأربعمائة ) الذى عثر عليه ( مارييت ) عام 1863 فى تانيس - صان الحجر - حيث يميل العلماء ( من خلال المعطيات التاريخية لهذه اللوحة ) إلى أن سيادة زعماء الهكسوس فى شرق الدلتا تكون قد بدأت بالتقريب حوالى 1720 قبل الميلاد . كما لم يعد هناك مجال للتصديق بأن للهكسوس إمبراطورية مترامية الأطراف كان مركزها فى مصر و شملت معظم أرجاء الشرق القديم بما فى ذلك جزيرة كريت ، و قد كانت هذه الفكرة تعتمد أساسا على وجود آثار تخص أسماء حكام الهكسوس موزعة فى أنحاء متفرقة من غرب آسيا لا سيما الملك ( خيان ) - ثالث ملوك الأسرة الخامسة عشرة - خاصة و أن هذه الآثار من النوع الخفيف سهل الإنتقال و لذلك فإن الرأى يميل الآن إلى أنها إنتشرت نتيجة للصلات التجارية الخارجية فحسب . و يكمن أن نضيف إلى ذلك أن الحكام الهكسوس وثقوا علاقاتهم الخارجية بصفة خاصة بسوريا حيث لا يستبعد أنهم عقدوا محالفات سياسية مع بعض امرائها و ربما شمل حكم زعماء الهكسوس جزءا من جنوب فلسطين حيث عثر على عشرات من جعارينهم كما أنهم تحصنوا فى إحدى المدن هناك و هى شاروحين ( تل فرعة حاليا ) حينما طاردهم الملك ( أحمس ) إلى خارج البلاد و لاشك أن الأمر الذى ساعد على توثيق الروابط بينهم و بين فلسطين و سوريا انهم إنحدروا من هناك بالفعل و لذلك كانت صلاتهم بهذه المنطقة أقدم بكثير من تبوئهم مركز السلطة فى شرق الدلتا . إن وجود آثار زعماء الهكسوس خارج مصر و فى مناطق متعددة يعنى أن البلاد لم تقطع صلاتها الخارجية فى عصر الإنتقال الثانى و أن ملوك الهكسوس انتهجوا نفس النهج الذى سار عليه من قبل ملوك عصر الدولة الوسطى خاصة و أن آثارهم قد إنتشرت فى ( النوبة ) و ( بلاد الشام ) و ( الأناضول ) و ( بلاد الرافدين ) و ( جزيرة كريت ) ، الأمر الذى يعكس وجود نشاط تجارى قوى بين الهكسوس و هذه المناطق خلال عصر الإنتقال الثانى . إلا أن هذا المقال لا ينبغى له أن يغفل طبيعة العلاقات بين الهكسوس و حكام الأقاليم داخل مصر ، فعلى الرغم من المقاومة التى أبداها المصريون ضد الهكسوس - فى بادىء الأمر فقط - فإن الحكام الأجانب تمكنوا فيما يبدوا من بسط نفوذهم على مصر كلها على الأقل فى عهد ملوكهم الستة الذين تتألف منهم الأسرة الخامسة عشرة حيث إنتشرت آثارهم موزعة بين الدلتا و الصعيد و النوبة . إلا أنه بعد أن كسر الهكسوس من حدة المقاومة المصرية يبدوا و أنهم لم يحكموا البلاد كلها لاسيما فى مصر الوسطى و العليا حكما مباشرا قائما على قوة السلاح نظرا لأن ظواهر الأمور تشير إلى انهم جعلوا من انفسهم طبقة ارستقراطية حاكمة إستقرت فى العاصمة ( حوت وعرت - تل الضبعة فى الشرقية ) و اعتمدت فى حكم مصر على معاهدات سياسية مع أمراء مصر الوسطى و العليا و دعموا هذه المحالفات بالزواج السياسى مما يعكس وجود تعايش سلمى بينهم و بين الزعماء المصريين و ذلك قبل ان تتبدل الأوضاع و ينقلب عليهم زعماء ( طيبة ) فى النصف الثانى لعصر الإنتقال الثانى بعد أن آنسوا فى أنفسهم البأس الكافى لطردهم من شرق الدلتا و جنوب فلسطين
( علاقات الهكسوس الخارجية و الداخلية خلال عصر الإنتقال الثانى )
......... لم يعد ثمة مجال للفكرة القديمة التى جعلت عصر الدولة الوسطى ينتهى بأفول الأسرة الثانية عشرة ، و خاصة بعد إكتشاف آثار ملوك الأسرتين الثالثة عشرة و الرابعة عشرة فى أرجاء مصر كلها ، مما يعكس وجود سلطة مركزية ( و لو شكلية ؟ ) فى تلك الفترة . و من هنا فإن علماء المصريات ( ومنهم العالمة دوروتيا أرنولد ) يتفقون على تحديد نهاية عصر الدولة الوسطى و بداية عصر الإنتقال الثانى ببدايات عصر الأسرة الخامسة عشرة ، وهى الفترة التى تبدأ بوجود الهكسوس فى مصر . و إذا قبلنا الإتجاه العلمى الجديد للمدرستين الألمانية و الإنجليزية بأن الهكسوس جاءوا إلى مصر على شكل جماعات متفرقة على مراحل و ليس على شكل غزوة جماعية منظمة فإنه يصعب تحديد الزمن الذى بدأ فيه توافدهم نحو مصر لأن ذلك الحدث قد إستغرق مرحلة زمنية غير محددة ، إلا انه ربما أمكن تحديد تاريخ إرتقاء زعمائهم السلطة فى شرق الدلتا ( مقر إستيطانهم الرئيسى ) و لو بشىء من التقريب فى ضوء الأثر الشهير المعروف بإسم ( لوحة الأربعمائة ) الذى عثر عليه ( مارييت ) عام 1863 فى تانيس - صان الحجر - حيث يميل العلماء ( من خلال المعطيات التاريخية لهذه اللوحة ) إلى أن سيادة زعماء الهكسوس فى شرق الدلتا تكون قد بدأت بالتقريب حوالى 1720 قبل الميلاد . كما لم يعد هناك مجال للتصديق بأن للهكسوس إمبراطورية مترامية الأطراف كان مركزها فى مصر و شملت معظم أرجاء الشرق القديم بما فى ذلك جزيرة كريت ، و قد كانت هذه الفكرة تعتمد أساسا على وجود آثار تخص أسماء حكام الهكسوس موزعة فى أنحاء متفرقة من غرب آسيا لا سيما الملك ( خيان ) - ثالث ملوك الأسرة الخامسة عشرة - خاصة و أن هذه الآثار من النوع الخفيف سهل الإنتقال و لذلك فإن الرأى يميل الآن إلى أنها إنتشرت نتيجة للصلات التجارية الخارجية فحسب . و يكمن أن نضيف إلى ذلك أن الحكام الهكسوس وثقوا علاقاتهم الخارجية بصفة خاصة بسوريا حيث لا يستبعد أنهم عقدوا محالفات سياسية مع بعض امرائها و ربما شمل حكم زعماء الهكسوس جزءا من جنوب فلسطين حيث عثر على عشرات من جعارينهم كما أنهم تحصنوا فى إحدى المدن هناك و هى شاروحين ( تل فرعة حاليا ) حينما طاردهم الملك ( أحمس ) إلى خارج البلاد و لاشك أن الأمر الذى ساعد على توثيق الروابط بينهم و بين فلسطين و سوريا انهم إنحدروا من هناك بالفعل و لذلك كانت صلاتهم بهذه المنطقة أقدم بكثير من تبوئهم مركز السلطة فى شرق الدلتا . إن وجود آثار زعماء الهكسوس خارج مصر و فى مناطق متعددة يعنى أن البلاد لم تقطع صلاتها الخارجية فى عصر الإنتقال الثانى و أن ملوك الهكسوس انتهجوا نفس النهج الذى سار عليه من قبل ملوك عصر الدولة الوسطى خاصة و أن آثارهم قد إنتشرت فى ( النوبة ) و ( بلاد الشام ) و ( الأناضول ) و ( بلاد الرافدين ) و ( جزيرة كريت ) ، الأمر الذى يعكس وجود نشاط تجارى قوى بين الهكسوس و هذه المناطق خلال عصر الإنتقال الثانى . إلا أن هذا المقال لا ينبغى له أن يغفل طبيعة العلاقات بين الهكسوس و حكام الأقاليم داخل مصر ، فعلى الرغم من المقاومة التى أبداها المصريون ضد الهكسوس - فى بادىء الأمر فقط - فإن الحكام الأجانب تمكنوا فيما يبدوا من بسط نفوذهم على مصر كلها على الأقل فى عهد ملوكهم الستة الذين تتألف منهم الأسرة الخامسة عشرة حيث إنتشرت آثارهم موزعة بين الدلتا و الصعيد و النوبة . إلا أنه بعد أن كسر الهكسوس من حدة المقاومة المصرية يبدوا و أنهم لم يحكموا البلاد كلها لاسيما فى مصر الوسطى و العليا حكما مباشرا قائما على قوة السلاح نظرا لأن ظواهر الأمور تشير إلى انهم جعلوا من انفسهم طبقة ارستقراطية حاكمة إستقرت فى العاصمة ( حوت وعرت - تل الضبعة فى الشرقية ) و اعتمدت فى حكم مصر على معاهدات سياسية مع أمراء مصر الوسطى و العليا و دعموا هذه المحالفات بالزواج السياسى مما يعكس وجود تعايش سلمى بينهم و بين الزعماء المصريين و ذلك قبل ان تتبدل الأوضاع و ينقلب عليهم زعماء ( طيبة ) فى النصف الثانى لعصر الإنتقال الثانى بعد أن آنسوا فى أنفسهم البأس الكافى لطردهم من شرق الدلتا و جنوب فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق