بسم الله الرحمن الرحيم
أيدولوجيا المشاهد المبكرة للملكية المصرية في صلاية نعرمر ............................................................
.................
تعد صلاية الملك نعرمر واحدة من أهم الآثار التي تنتمي لنهايات الأسرة صفر حيث كشفت عن مجموعة من المعاني الدينية الرمزية الأيدولوجية للملكية الناشئة في مصر القديمة و ذلك في الفترة التي إكتمل فيها توحيد القطرين . تسعى هذه الدراسة لتناول المفاهيم و الأفكار ذات الطبيعة الرمزية التي تميزت بها المشاهد المبكرة للملكية المصرية و سجلت على صلاية الملك نعرمر حيث يتم إعتباره حاليا و طبقا للرأي الشائع ، آخر ملوك الأسرة صفر .
و هذا الأثر هو عبارة عن صلاية زخرفية منقوشة من الوجهين و كانت موضوعة في أساسات معبد نخن المكرس لعبادة المعبود ( حور نخن ) و هي مصنوعة من الإردواز و يبلغ إرتفاعها 63,5 سم و عرضها 40 سم . تميزت هذه الصلاية بوجود عدد من المشاهد المبكرة و المعبرة عن الأيدولوجيا الدينية و السياسية للملكية الناشئة في نهاية الأسرة صفر تمثلت فيما يلي :
1 – ظهر على كلا الوجهين إسم الملك نعرمر داخل واجهة القصر المعروفة بالسرخ و التي تعبر عن واجهة القصر الملكي حيث كتب إسم نعرمر بعلامتي السمكة و الإزميل و هو ما يحاول البعض قراءته ( محبوب الإلهة نعر ) و لكن نلاحظ من جانب آخر أنه م يكتب بعلامة الفأس ( مر ) و التي تعني محب أو محبوب ، و لكن كتب بعلامة الإزميل و لذا يفضل البعض قراءته ( إزميل الإلهة نعر ) أى أنه إزميل الإلهة الذي يؤدب أعدائه و ما يرجح هذا التفسير عن السابق هو طبعة الختم التي عثر عليها في طيبة للملك نعرمر حيث ظهر فيها إسم الملك بعلامة السمكة ( نعر ) و قد أمسكت بمقمعة تضرب بها ثلاث صفوف من الأعداء أى أنه تم تجسيد الملك هنا في إسمه ، مما يرجح القراءة الثانية عن القراءة الأولى
2 – ظهر على جانبي إسم الملك في كلا الوجهين رأسان للمعبودة البقرة بوجه سيدة و قرني و أذني بقرة ، مما جعل البعض يرى فيها تصويرا مبكرا لهيئة الربة ( حتحور ) بينما رأى البعض الآخر فيها صورة المعبودة ( بات ) . و من المعروف – و من خلال صلاية جرزة و النجوم المعروضة في المتحف المصري و تنتمي للأسرة صفر – إرتباط البقرة بالنجوم كإلهة للسماء و إعتبارها حامية لأرواح الأسلاف الذين سكنوا في النجوم و إتخذوها كمقر أبدي لهم و هو المعتقد الذي تبلور بشكل واضح في متون الأهرام إلا أن إرهاصاه الأولى ترجع لعصر الأسرة صفر على أقل تقدير . و لكن الشكل الذي ظهرت به هنا بوجه سيدة و قرني و أذني بقرة ، فضلا عن توجه قرنيها نحو الداخل و ليس الخارج هو الأيقونة المتعارف عليها للإلهة ( بات ) إلهة الإقليم السابع من أقاليم مصر العليا ، و التي ظهر إسمها في بعض مقابر الأسرة السادسة في منطقة قصر الصياد ، بينما ظهر إسم حتحور للمرة الأولى في بعض الأسماء الشخصية و أسماء كهنة لحتحور في نهاية الأسرة الثانية و لكن بدون مخصص رأس البقرة .
3 – تحيط ( بات ) بإسم الملك بما يشير إلى إرتباط بعالم السماء الذي تمثله الإلهة من خلال ذلك التمثيل الفني الرمزي . و حقيقة الأمر أن التصوير المزدوج لبات على وجهي الصلاية لم يكن أمرا إعتباطيا بل كان مقصودا لذاته ، حيث نقرأ في إحدى فقرات متون الأهرام " أنا بات ذات الوجهين أنا الشمس و القمر " مما يعكس حقيقة وجود الشمس و القمر كعنصرين زمنيين ممثلان على وجهي الصلاية من خلال الوجود المزدوج لبات تحقيقا لمفهوم الديمومة الزمنية و الأبدية الملكية لجميع الأعمال و الإنجازات التي تم تصويرها على الصلاية .
4 – يظهر على أحد الوجهين الملك بحجم كبير نسبيا مرتديا التاج الأبيض – تاج الوجه القبلي – و لحية الإحتفالات المستعارة و رداءا قصيرا يغطي الكتف الأيسر و يصل إلى حافة الركبة و قد شد إلى وسطه بحزام عريض مزركش تتدلى منه سيور بأهداب طويلة تنتهي بحلية في هيئة رأس الإلهة بات . لماذا تم تصوير رأس المعبودة بات في هذا الوضع على الشنديت الملكي و ترتكز كل رأس على ما يشبه الخرز ؟ ..... طبقا لما ورد في متون الأهرام أن الملك يقوم بتخصيب أمه البقرة البرية العظيمة لكي يعيد ميلاد نفسه من جديد و لذلك أخذ لقب ( كا موت إف ) بمعنى فحل أو ثور أمه و من هنا فإن تصوير رأس بات على الشنديت الملكي فوق الخرز كان ذو مغزى ديني . فعلامة الخرز تعبر عن كلمة ( القبضة ) أو قبضة يد الإله الخالق التي إستمنى بها في بدء الزمان لكي يقيم خلق الكون و تم إعتبار البقرة بات أو حتحور قبضة يد الإله الخالق التي إستخدمها في بداية الخلق لكي يقيم عملية خلق الكون مما يعني أن الملك هنا يحل محل الإله الخالق الأول الذي يخصب أمه رمزيا – من خلال الشنديت – فيعيد خلق الكون و ميلاد نفسه من جديد و لذلك يتدلى من خلف الرداء ذيل طويل للثور بإعتبار الملك هو ( كا موت إف ) فحل أمه و هو المعنى الذي أكدت عليه نصوص الأهرام فيما بعد ، الأمر الذي يشير إلى حقيقة هامة : إن تصوير الملك في هذه الهيئة الشعائرية يبرز و لأول مرة مفهوم الولادة الإلهية الملكية في الحضارة المصرية القديمة و لكن بصورة تختلف جذريا عن مفهوم الولادة الإلهية التي ظهرت فيما بعد في عصر الدولة الحديثة إلا أن المعنى في كلا الحالتين كان متشابها .
5 – في نفس المنظر السابق يقبض الملك بيده اليسرى على أسير راكعا أمامه ممسكا بيده اليمنى بمقمعته و يهم بضرب الأسير الذي ظهر عاريا إلا من جراب العورة و ظهرت خلف رأس الأسير علاماتان كتابيتان تعبران غالبا عن إسم منطقته أو عن إسمه هو ؟ و يحتمل قراءتها ( وع – شي ) . يرى البعض في ذلك إسم الأسير نفسه و يرى البعض الآخر أنه إسم إقليم الحربة و هو أقصى الأقاليم الشمالية الغربية للدلتا على حدود الصحراء الغربية . ثم يظهر أمام وجه الملك الإله حورس و هو يؤيده و يقدم له الأسرى - وفقا لما يراه البعض – من أهل أرض البردي ! حيث تم تجسيد المعبود حورس في شكل صقر بيد بشرية يأخذ بناصية الأسرى الذين عبر عنهم برأس آدمي يخرج من أنفه حبل يقبض عليه حورس كما ظهر خلف الملك بحج أقل حامل النعل الملكي و إبريق الطهارة و قد كتب بعلامتي ( حم ) و ( الزهرة ) . و تشير كلمة ( حم ) إلى كاهن أو خادم ، أما ( الزهرة ) و التي أصبحت في العصور التاريخية تدل على كلمة ( حررت ) ، فكانت ترمز في ذلك الوقت للمعبود حور بمعنى الملك و بذلك يقرأ اللقب : كاهن أو خادم الملك
6 – لا يتفق الدارس على تفسير المنظر السابق بوصفه حربا شنها الملك ضد أهل الدلتا لكي يوحد الأرضين للإعتبارات التالية :
أ – لا وجود أثري لمفهوم مملكة في الشمال و أخرى في الجنوب في عصور ما قبل الأسرات بأكملها و لا في عصر الأسرة صفر
ب – وفقا لما سبق تناوله لا يعبر هذا المنظرعن واقعة تاريخية ، بل يجسد قيام الملك بطقس ديني يتمثل في ضرب العدو أمام المعبود حورس و لعل تصوير الملك بشاراته و رموزه السابقة فضلا عن وجود حامل النعل و إبريق الطهارة يؤكد على الكينونة الشعائرية للمشهد بأكمله .
ج – يبدو من المرجح و بنسبة كبيرة أن مصر طبقا للمعطيات الأثرية التي ترجع لعصر الأسرة صفر قد توحدت سياسيا قبل عصر الملك نعرمر بجيلين على أقل تقدير الأمر الذي يرجح خروج بالمشهد تماما عن أي وقائع تاريخية فعلية وقعت في عصر الملك نعرمر
د – تصور البعض من الدارسين أن وجود الصقر فوق أرض البردي أن ذلك يعني سيطرة الإله حورس رب الملك على أرض الدلتا و هو تفسير لا يستقيم لسببين : الأول و هو أن الصقر هنا هو أحد أرباب الدلتا الرئيسيين و قد كان يقدس في الشمال كما كان يعبد في الجنوب منذ بداية عصور ما قبل الأسرات و في فترة زمنية متعاصرة و الثاني : أن تصوير الصقر فوق أرض الدلتا لا يعني أنه يتم سيطرته عليها بل يعني أنه رب الدلتا المؤازر للملك فالفنان إضطر لتصويره فوق أرض البردي لإظهار كل مفردات المنظر و هي خاصية فنية هامة في الفن المصري القديم تماما مثلما كان يصور الصقر فوق السرخ الملكي و لم يقل أحد هنا أن الصقر يتم سيطرته على السرخ
ه – لا سبيل للتأكد من هوية الأسير الذي يقوم بضربه الملك برغم وجود العلامتين السابق شرحهما فالمنظر لا يعطي أى تفاصيل واضحة عن الحدث نفسه إن كان قد وقع فعليا أم لا و لا يعدو كونه مشهد ديني شعائري يعبر أن أيدولوجيا القمع الملكي للأعداء أو ربما قمع بعض عناصر من المتمردين الذين أثاروا بعض القلاقل في منطقة الدلتا دون أن يعني بالضرورة أنها حملة عسكرية وجهت للدلتا نظرا لغياب أى وثائق أو آثار تؤيد ذلك المعنى المفترض .
7 – في أسفل الصلاية ظهر أسيران يحاولان الهرب بينما يرى البعض أنهما صريعان في الغالب و هو ما يرجحه الدارس مقارنة بوضع الأسيرين الفني مع الأوضاع الفنية للأسرى المصورين كقتلى في صلايات الأسرة صفر . و أمام وجهيهما علامتان تشبه إحداهما علامة ( سا ) و الأخرى ( به ) و يرى البعض أنهما ربما تشيران إلى سايس و بوتو في الدلتا ! و لكن لا وجود لأي دليل علمي قاطع يؤيد هذا التفسير .
8 – ظهر على الوجه الآخر للصلاية الملك و هو مرتديا تاج الوجه البحري الأحمر كما ظهر خلفه حامل النعل الملكي السابق ذكره من قبل . و ظهر أعلى حامل الصندل الملكي بناء مستطيل الشكل يشير غالبا إلى مقصورة التطهير أو ما يعرف بإسم ( البر دوات ) بمعى بيت الصباح ، حيث تطهر فيها الملك أولا ثم خرج منها في صحبة موكبه . رأى البعض في هذا المشهد أن الملك نعرمر بعدما حقق إنتصاره على الدلتا ظهر مرتديا التاج الأحمر الخاص بهم و هو تفسير لا يستقيم مع المعطيات الأثرية لعصر الأسرة صفر التي كشفت عن أن أول من إرتدى تاج الجنوب الأبيض و تاج الشمال الأحمر كان الملك ( العقرب ) و ليس ( نعرمر ) حيث تولى زمام الأمور قبل عصره مباشرة مما يرجح وجود وحدة سياسية كانت قد تمت في عصر الملك العقرب وفقا لآثاره المنتشرة في مصر كلها و ربما أيضا قد وقعت قبل عصره .
9 – يتقدم الملك في المشهد السابق شخصية هامة بحجم كبير نسبيا و يرتدي جلد الفهد غالبا و أمامه كلمة ( ثت ) و البعض قرأها ( ثاتي ) و في واقع الأمر أن الآراء تباينت في تحديد هذه الشخصية و قد تراوحت بين إعتباره مربي للملك أو ربما وزيره – و هو الرأي الذي لا يتفق معه الدارس نظرا لأن لقب الوزير لم يعرف قبل عصر الأسرة الرابعة – أو كاهن السم إبن الملك الأكبر برداء جلد الفهد . و يتقدم الملك أربعة من حملة الألوية يمثلون ( الشمسو حور ) أو أتباع حورس و هم حكام الأقاليم الذين يسيرون برمزو معبوداتهم في الموكب و ساعدوا حكام نخن في عمليات الوحدة السياسية طوال عصر الأسرة صفر و أصبحوا يشاركون في الأعياد و المناسبات الدينية و السياسية الملكية الهامة حيث نشاهد لواء حورس الشمالي ثم حورس الجنوبي ثم لواء وب واووت ( فاتح الطرق ) و لواء ربما يعبر عن المشيمة الملكية . و يلاحظ هنا أن الموكب يتجه إلى معبد في الشمال حيث تظهر بوابة المعبد و طائر يرجح أنه طائر الور بمعنى أنه يمكن قراءة هذا النقش كالتالي : سبا – ور أو البوابة العظيمة ، ثم نجد مركب بها مقصورة تشير إلى مقصورة المعبود و فوقها الإله حور و أسفله الرمح أو الخطاف و هو رمز الإله ( حور ميسنو ) أو ( حور الخطاف ) و هي الهيئة التي إتخذها الإله حور نخن عندما إندمج مع م المعبود ( جبعوتي ) إله بوتو ، و لقد إرتبط حور ميسنو بطقسة ضرب و طعن فرس النهر ، فعندما كان الملك يطعن فرس النهر كان يطلق عليه ( حور ميسنو ) .
10 – يشير المشهد السابق إذن إلى إحتفال عند معبد بوتو في الشمال و أسفل ذلك تم تصوير عشرة أشخاص مكبلة أيديهم بالحبال من خلاف و قطعت رؤوسهم و وضعت بين أرجلهم و قد أظهر الفنان أرجلهم للداخل ماعدا إثنين تظهر أرجلهم مستقيمة و هو مشهد يغلب عليه الصفة الشعائرية أكثر مما يعبر عن واقعة تاريخية حيث يعكس المفهوم الرمزي للأعداء الذين قضى الملك عليهم طقسيا . و لابد هنا أن نشير إلى حقيقة هامة و هو : أن هذا المنظر هو الوحيد في الصلاية الذي يعبر عن مفهوم يقترب إلى حد كبير من فكرة الفن القصصي في الحضارة المصرية القديمة ، و الفن القصصي يعتمد على وجود : ( الزمان ) و ( المكان ) و ( وضوح فكرة الحدث ) و هو ما ينطبق إلى حد كبير على هذا المشهد و ذلك في مقابل بقية مشاهد الصلاية التي لا نعرف بالتحديد مكان وقوعها فضلا عن غموض الحدث نفسه في جميع المناظر . فالملك هنا يتجه لمقصورة التطهير ( مكان ) ثم يتحرك بموكبه ( التحرك يدل في حد ذاته على الزمان ) نحو معبد حور ميسنو ( مكان ) لإقامة طقس طعن فرس النهر ( و إن كان غير مصور ) و قتل و قطع رؤوس الأعداء في جو ديني شعائري مقدس يبرز أهم الواجبات الملكية مما يبرز وضوح الحدث و يقربه كثيرا من مفهوم الفن القصصي .
11 - و في وسط الصلاية يظهر حيوانان خرافيان بجسم أسد و رقبة ثعبان و رأس فهد و تتعانق رقبتهما مكونتين بؤرة الصلاية التي تعبر عن قرص الشمس و صور رجلين أحدهما يجذب عنق حيوان بحبل غليظ بينما الآخر يرخي الحبل من طرفه و قد تمكن عالم المصريات الألماني فستندورف و بإقتدار من تفسير هذا المنظر بأنهما – الحيوانين – يمثلان إلهي الأفق الذين تم تصويرهما دائما في صلايات الأسرة صفر و هما يتحكمان في حركة الشمس . و نلاحظ هنا أن كلا الحيوانين الخرافيين لهما ذيل مستدير و كانت إستدارة الذيل هنا ليست جديدة بل هي مكررة دائما في صلايات الأسرة صفر لكي تعبر عن الشمس ، فالذيل المستدير للحيوان الأيمن في الصلاية يعبر عن شمس المغرب أو الشمس التي تكاد أن ترحل للعالم الآخر ( بإعتبار الحيوان هنا مصور على أقصى اليمين – عالم الغرب ) أما بؤرة الصلاية فهي تعبر عن شمس المنتصف أو شمس منتصف الليل ، بينما يعبر الذيل المستدير للحيوان الأيسر في الصلاية عن شمس المشرق ( بإعتبار الحيوان هنا مصور على أقصى اليسار – عالم الشرق ) و هو المعنى الذي تم تسجيله بشكل متكرر في صلايات الأسرة صفر مما يعني وجود أقدم تصوير ديني رمزي لرحلة الشمس في العالم الآخر و إرتباط ذلك بمفهوم إستقرار النظام الكوني الشمسي و ربط كل ذلك بمفهوم الملكية المنتصرة على الأعداء . أما عن فكرة إتحاد مصر العليا بالسفلى أو كبح جماح الحيوانين بإعتبارهما الجنوب و الشمال فقد أصبحت الآن غير مقبولة في الأوساط العلمية .
12 – في أسفل الصلاية ظهر الملك في هيئة الثور و هو يحطم بقرنيه سور مدينة محصنة نقش إسمها بداخلها و يقرؤه البعض على النحو التالي : " مجد " أو " مصد " و يطأ الثور هنا ذراع زعيمها و ينبغي أن نلاحظ هنا أمور هامة :
أ – تم تصوير الثور في شيء من الهدوء و كأنه يشير إلى السيطرة على أهل المدينة دون الفتك بهم
ب – كتابة إسم المدينة لا يعني كما يعتقد البعض تحديد واقعة تاريخية محددة ضد مدينة بعينها ، فالهدف من المنظر تخليد المعنى و هو القضاء على العدو و ليس تخليد الحدث .
ج – ما يؤكد خلود و ثبات المعنى كأيدولوجيا أبدية هو تحول الملك في هذا المشهد الوحيد من الهيئة الآدمية إلى الهيئة الحيوانية مما يعني تحوله من نطاق القدرة البشرية التاريخية إلى نطاق القدرة الحيوانية الأسطورية الخارقة و هو الأمر الذي يؤطر العمل بأكمله في ذاكرة الخلود الملكي و يجعل المشهد برمته في إطار الشعيرة الرمزية .
13 – يتبين لنا مما تقدم أن مشاهد الصلاية تشير إلى مناظر تذكارية شعائرية لمعنى ديني أيدولوجي مقدس يتم الإعلان عنه و الترويج له في معبد حور في نخن حيث إكتشفت في أساساته و لا تقوم بالتأريخ لواقعة بعينها كما تصور العديد من الدارسين الذين رأوا فيها تسجيلا لحدث وحدة مصر السياسية لأول مرة في عصر الملك نعرمر و هو الأمر الذي لا يتفق مع معطيات الآثار التي ترجع لعصر الأسرة صفر حيث كشفت عن قيام وحدة مصر بشكل مرجح و قبل عصر نعرمر نفسه دون وجود آثار عنف أو حروب بين الجنوب و الشمال ، فالصلاية هنا تقع في إطار ممارسة الشعائر و تخليد الذكرى و لا تقع في إطار الآثار التي تحكي عن وقائع تاريخية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق