الاثنين، 13 أغسطس 2012

التوابع السياسية و الدينية لعصر العمارنة


بسم الله الرحمن الرحيم 

التوابع السياسية و الدينية لعصر العمارنة 


......................................................................................................................................................
....
 مما لاشك فيه أن الحركة السياسية الملكية لعقيدة العمارنة لم تكن حدثا  تاريخيا وقع و إنتهى بمجرد موت صاحبه ، بل يمكن القول أن نتائج العمارنة  الدينية و السياسية ظلت ظاهرة طوال عصر الرعامسة و ذلك على الرغم من التنكر  و الرفض الظاهري لمعطيات العمارنة الفكرية في عصر الرعامسة ، إلا أن عجلة  الزمن لم تعد إلى الوراء كما كان يعتقد العديد من الباحثين و لما عاد القوم  لمعتقداتهم الفكرية و الدينية التي كانت سائدة قبل العمارنة ، لم تكن عودة  مطابقة لكل ما هو كان شائعا على المستوى الديني و السياسي و الفكري بشكل  تام بل كانت محاولة لدمج بعض معطيات العمارنة مع الموروثات الدينية و  السياسية التقليدية في بوتقة واحدة تتناسب مع المستجدات الفكرية لعصر  الرعامسة و ما طرأ عليها من تغيرات أتت إليها من عصر العمارنة . و لنا هنا  أن نتخيل كيفية رد الفعل الشعبي لمدينة طيبة عندما تم إغلاق معابد الإله  آمون في مرحلة متأخرة من حكم الملك إخناتون و طمس أسمائه و مناظره من بعض  الأجزاء المعمارية للمعابد ( كشفت الدراسات و المقالات الحديثة أن بقية  معابد الآلهة في عصر العمارنة لم تغلق كما كان يعتقد في السابق ) مما كان  له أثرا سلبيا في وجدان كل أنصار و أتباع المعبود آمون من عامة الشعب و  كهنة آمون و لاسيما و أن الأيدولوجية الدينية الملكية قبل عصر العمارنة  كانت قد روجت لمفهوم : أن رفاهية و رخاء البلاد إقتصاديا و سياسيا إنما  يعتمد في المقام الأول و الأخير على إقامة الشعائر بشكل منتظم في معابد  آمون فضلا عن إقامة إحتفالاته الدينية أمام عامة الشعب لجلب الخير و العطاء  للجميع . و علينا هنا أن تصور أن معابد طيبة تم غلقها ( أو على أقل تقدير  إنحسرت الشعائر فيها داخل أماكن محددة فإقتصرت عليها و لذلك ظهرت مناظر  خاصة بالمعبود آمون لم تمس على الإطلاق و لاسيما داخل أعماق الأجزاء  الداخلية للمعابد – على سبيل المثال القطاع الداخلي لمعبد الأقصر ) نتيجة  أمر صادر من أعلى سلطة في البلاد و التي كان من المفترض أن تعلن عن ولائها  التام لآمون رع تماما مثلما فعل الملوك الأسلاف ، و لم تقف الصدمة عند هذا  الحد بل نتج عن توابع هذه الحركة السياسية عدم إقامة إحتفالات آمون رع داخل  مدينة طيبة مما كان سببا لخلق أزمة نفسية في مجتمع طيبة ، فقد كانت هذه  الإحتفالات هي المتنفس الحقيقي لعامة الشعب و التي يواجه فيها المعبود الذي  يخرج من معبد في مركبه المقدس لكي يلبي طلبات الرعية و يعدهم بحل جميع  مشاكلهم الدنيوية فينعموا بحياة أفضل في دنياهم كما كان يتنبأ بمستقبلهم . و  لهذا لم يكن من الغريب أن ندرك أثر هذه الصدمة الدينية و النفسية في أواخر  عصر العمارنة حيث يظهر في مقبرة ( با إيري ) في طيبة النص التالي " لقد حل  الظلام وسط النهار و إن قلبي يشتاق لرؤيتك " و يضح هنا من خلال هذه  العبارة أن الشوق لرؤية آمون الذي يظهر في الإحتفالات الدينية كان هو  القضية الشاغلة لفكر المجتمع في مدينة طيبة أما تعبير " الظلام وسط النهار "  فهو صيغة مجازية دينية تشير إلى إبتعاد آمون رع عن الناس و أن آلهة البلاد  بشكل عام قد هجرت مصر مما يجل العدمية و الظلام و الشر قيما سائدة لغياب  فاعليات آمون عن دنيا البشر .
ما هي التوابع السياسية و الدينية لعصر العمارنة ؟
1 – إبتعاد الآلهة عن أرض مصر فقد ظهر في نص الملك توت عنخ آمون " كانت  معابدهم مهدمة و تحولت أراضيهم المقدسة إلى خرائب و قد إبتليت مصر بالمرضى و  قد ترك الآلهة هذا البلد و عندما تم إرسال الجنود إلى بلاد الشام لم  يحرزوا أي نجاح و إذا دعا أحد الإله فلا يأتي " و هي كلها عبارات تشير إلى  أن مصر عندما تخلى عنها الآلهة أصبح مصيرها المرض الجسدي و إخفاق السياسة  الخارجية و رغم أن هذا النص ينتمي لأدب وصف الفوضى في مصر إلا أن هناك  دلائل تشير بإنتشار مرض الطاعون في أواخر عصر العمارنة فقد هجم الحيثيون  على جنود مصر في بلاد الشام و إتخذوهم كأسرى و كان هؤلاء الجنود يحملون مرض  الطاعون مما نتج عنه إنتشار الوباء في بلاد الأناضول و يصعب تصور أن مصر  قد نجت من هذا الوباء في أواخر عصر العمارنة مما كان له دلالة في الفكر  الديني المصري القديم بأن إنتشار المرض كان نتيجة إبتعاد آلهة مصر عنها  فضلا عن وجود دليل آخر يتمثل في تقلص حدود مصر السياسية في ممالك بلاد  الشام في أواخر عصر العمارنة مما يعطي نص توت عنخ آمون مصداقية تاريخية  كبيرة .
2 – قام الملك حور محب وفقا لما جاء في نص مرسوم تتويجه  بتعيين الصفوة الممتازة من رجال الجيش داخل المعابد ككهنة و هنا ينبغي لنا  أن نشير إلى حقيقة هامة : إن تعيين رجال الجيش ككهنة في المعابد المصرية  القديمة لم يكن أمرا غريبا بل يبدوا أمرا منطقيا في ضوء ما هو معروف من أن  رجال الجيش و منذ بداية عصر الدولة الحديثة كانت لهم خلفية ثقافية دينية و  تعليمية رفيعة المستوى تؤهلم للإمساك بأهم المناصب المدنية و الدينية في  البلاد . و رغم وجاهة و منطقية هذا القرار الملكي ، إلا أنه أدى إلى سيطرة  الجيش المصري على السلطة الدينية بشكل كامل فضلا عن سيطرته على جميع  المجالات المدنية الأخرى مما يعكس وجود أزمة سياسية دينية في مصر بعد عصر  العمارنة إقتضت بتدخل السلطة العسكرية ( كان حور محب في الأصل قائد الجيش  في عصر الملك توت عنخ آمون ) و ما يؤكد وجود هذه الأزمة هو رسالة الزوجة  الملكية المصرية التي أرسلتها للحاكم الحيثي تطلب منه الزواج من أحد أبنائه  لأنها لا ترضى أن تتزوج من أحد خدامها الذين يخدمونها و هي رسالة لم يرد  ذكرها إلا في المصادر الحيثية و صمتت عنها المصادر المصرية فلما أرسل الملك  الحيثي إبنه تم قتله بواسطة قواد الجيش المصري على الحدود و لا نعلم حتى  الآن هل كانت هذه الأميرة الملكية هي زوجة توت عنخ آمون أم زوجة الملك  إخناتون ، إلا أنها تعكس في جميع الأحوال إضطراب الأمور في القصر الملكي و  بداية سيطرة السلطة العسكرية على البلاد و لم تتم هذه السيطرة العسكرية على  جميع مرافق الدولة الدينية و المدنية إلا بسبب وجود ظروف سياسية و دينية  طرأت على البلاد بعد عصر العمارنة
3 – لم يحدث في التاريخ المصري  القديم من قبل أن قام أحد الملوك بإستنزال اللعنات على ملك آخر كان يجلس  على عرش مصر في يوم من الأيام و مع ذلك فقد حدث مثل هذا السلوك ضد إخناتون  لأول مرة مع بداية عصر الأسرة التاسعة عشرة ، حيث قام الملك سيتي الأول  بكتابة نص توجيه القدح و الطعن في مقصورة أبيه الملك رمسيس الأول في أبيدوس  تجاه إخناتون واصفا إياه " مجرم العمارنة " و بالتالي فهو لا يعترف  بتعاليمه و يعتبرها نوعا من الهرطقة و المروق و من هنا تعرضت آثار إخناتون  للتدمير و التحطيم في جميع مناطق البلاد و يرى البعض أن الدافع وراء ذلك هو  أن ديانة آتون قد تسببت في إهتزاز و زلزلة فكرة المركز الإلهي للملكية و  لاسيما بعدما  سعت لإغلاق معابد أكبر معبود في مصر  و منعت أعياده و حتى  تعود فكرة تأليه الملوك لسابق عهدها ، لم يكن هناك حل سوى إستنزال اللعنات  عليه و تجريحه بشكل غير مسبوق في تاريخ الملكية في الحضارة المصرية القديمة  . و من هنا إتجهت السلطة الملكية في عصر الرعامسة إلى إعلاء و تقديس  الملكية مرة أخرى و بشكل مبالغ فيه و الدعوة صراحة لتأليه الملك الحي أو  تقديس الكا الملكية ( الذات الملكية ) خلال حياته . و رغم أن عقيدة الملكية  الإلهية و تقديس الذات الملكية كانت أمرا متعارف عليه منذ عصر الأسرة صفر و  حتى نهايات التاريخ المصري القديم إلا أن ماحدث في عصر الرعامسة من توجيه  الرعية نحو عبادة الذات الملكية كان فارقا كميا لم تشهده البلاد من قبل .
4 – رغم كل محاولات الرعامسة التي أقاموها لفرض عبادتهم داخل المعابد  المصرية و بشكل مبالغ فيه كرد فعل على أحداث العمارنة  إلا أن الشواهد  الأثرية تشير إلى أنها لم تصيب قدرا كبيرا من النجاح فقد أدت ملكية  العمارنة بتجاربها السيئة لعدم إعتقاد طوائف متعددة من الشعب المصري القديم  بألوهية الملكية و بعدما كان هناك بعض الطوائف التي كانت تؤمن بتحكم الملك  في مصيرهم الدنيوي و الأخروي قبل عصر العمارنة ، تغيرت الأمور بعد ذلك  العصر و تحول الناس نحو معبوداتهم الأثيرة و لاسيما آمون رع في طيبة و من  هنا نقرأ على شقافات دير المدينة الشعبية في بداية عصر الرعامسة "
إن  شمس هؤلاء الذين يجهلون قدرك قد أخفقت يا آمون و الذي يهاجمك سيكون في  الظلام حتى لو كانت مصر كلها ساطعة بنور الشمس و لكن من يضعك في قلبه فإن  شمسه مشرقة " و نلاحظ هنا أن النص يهدد صراحة من لا يحترم عقيدة آمون و  يقوم بمهاجمتها و ربما كان في ذلك إشارة لأحداث عصر العمارنة فضلا عن أنه  يكشف لنا أن الولاء الآن تحول و إتجه لآمون و ليس للملك ، فهو يعد أي إنسان  بأن شمسه ستكون مشرقة إذا ما وضع آمون في قلبه .
5 – إتخذ الملك سيتي  الأول عند وصوله للعرش لقب " وحم مسوت " بمعنى إعادة الميلاد و هو لم يكن  أول من إتخذ هذا اللقب بل سبقه في ذلك الملك أمنمحات الأول مؤسس الأسرة  الثانية عشرة و هو ذو دلالة دينية و هدف سياسي . أما الدلالة الدينية  فتتمثل في أن هذا المصطلح يشير لإعادة ميلاد الآلهة مرة أخرى مما يعني خلق  الكون من جديد و الإعلان عن بداية زمنية جديدة تبشر بحلول الرخاء و  الرفاهية في البلاد بعد خلق الكون من جانب الآلهة من جديد بعد فترة من  الفوضى سبقتها و أدت إلى إبتعاد الآلهة عن مصر و هذه الدلالة الدينية تطعن  صراحة فيما سبق من أحداث في عصر العمارنة أما عن الهدف السياسي هو الترويج و  التبشير الملكي لعصر تاريخي جديد يتمثل فيه زمن الآلهة الأوائل و إبطال كل  ما كان يتم تنفيذه من قبل من قرارات سياسية إتخذت في عصر العمارنة . و  إعادة ميلاد الآلهة هنا يعني أيضا إعادة نقش و تصوير مناظرها و كتابة  أسمائها على جدران المعابد التي طمست فيها من قبل كما يعني كذلك إعادة  إحياء تماثيل الملوك الأسلاف و ترميمها و إقامة الشعائر لها مرة أخرى و هو  ما حدث بالفعل في عصر الملك رمسيس الثاني الذي قام بإعادة إحياء ذكرى  الملوك الأسلاف بترميم تماثيلهم و كتابة أسمائه عليها توحدا و إنصهارا  بسلفه القديم صاحب التمثال .
6 – ظهور كتاب البوابات و بشكل كامل بعد  عصر العمارنة في مقابر وادي الملوك ، و هو أحد الكتب الدينية التي أبرزت  بشكل قوي الدور الديني الذي كان يؤديه المعبود أوزير في العالم الآخر ، مما  يعد رد فعل طبيعي للتهوين من شأن أوزير و دوره في مفاهيم الديانة الآتونية  التي أنكرت تماما وجود مملكة للظلام يسيطر عليها أوزير في العالم الآخر ،  كما سعت أفكار هذا الكتاب من جانب آخر للتوفيق بين رع رب الشمس و الضياء و  أوزير رب مملكة العالم الأخروي المظلم ، فرع هو الروح التي تهبط نحو مملكة  الظلام لكي تنير ذلك العالم و تتحد بجسدها المتمثل في أوزير أما عن عقيدة  آتون فلا وجود للظلام في مقابر العمارنة بل هو شمس آتون التي لا تغيب عن  عالم المتوفى أبدا .
7 – لم تنتهي تأثيرات العمارنة الفكرية تماما في  عصرالرعامسة بل إستمر صداها قائما ، فنجد أن أسلوب التصميم الهندسي الذي  إتبع في بناء مقبرة إخناتون في العمارنة و قد تبين أن هذا الأسلوب قد تم  تطبيقه كثيرا في هندسة بناء المقابر الملكية التي شيدت خلال عصري الأسرة  التاسعة عشرة و الأسرة عشرين و قد لوحظ أن هذه المقابر الأخيرة مصممة  هندسيا على أساس محور يمتد مستقيما من أول مدخل المقبرة حتى آخر موضع فيها  بينما كان التصميم الهندسي لمقابر ملوك ما قبل العمارنة يقوم على أساس تعدد  المحاور التي تنحني و تتداخل بزوايا قائمة فتتلوى بالتالي ممرات المقبرة  حتى نصل لغرفة الدفن في نهاية المقبرة فنجدها في ظلام دامس يوحي بظلام  العالم الآخر . أما إختيار إخناتون لأسلوب المحور المستقيم الذي يمتد من  بداية مدخل المقبرة حتى غرفة الدفن فكان نتيجة منطقية للموقف الديني للملك  الذي كان يرى أن آتون هو رب الأحياء و الأموات و لذلك فإن تصميم المقبرة  على أساس المحور المستقيم يتيح لأشعة الشمس أن تدخل من مدخل المقبرة حتى  تصل لغرفة الدفن في آخر نقطة فيها أما التصميم الهندسي على أساس المحاور  المتعرجة بزوايا قائمة فلا يسمح لأشعة الشمس بالدخول إلى غرفة الدفن التي  يسيطر عليها الظلام الدامس
8 – بعد عصر العمارنة لم تنتهي تماما آثار  عقيدة التوحيد من مصر فبردية متحف لايدن في هولندا رقم 350 التي تعود لعصر  الرعامسة تحوي أنشودة تصف آمون رع أنه الإله الواحد و أنه السبب الأول الذي  أوجد كل المخلوقات ، إلا أن مفهوم التوحيد في الرعامسة إختلف نوعا ما عن  مفهوم التوحيد في العمارنة ، فهو توحيد لا يلغي تعددية الآلهة بل يضمها  جميعا نحو إله واحد ، فقد أصبحت آلهة مصر الرئيسية ثلاثة أرباب هم : آمون و  رع و بتاح و صنفوا جميعا تحت إله واحد فقط منهم و هو المعبود آمون حيث  تقول فقرة من بردية لايدن " كل الآلهة الثلاثة آمون و رع و بتاح و لا ثاني  لهم " كما تقول فقرة أخرى " هو إله واحد و لكن إسمه آمون و وجهه رع و جسده  بتاح " . نستشف من ذلك حدوث تسوية و توفيق بين إتجاهات الوحدانية في تعايم  العمارنة و بين أفكار تعدد المعبودات و هو ما ظهر واضحا كذلك في بردية شستر  بيتي التي ترجع لعصر الرعامسة و تحتوي على أناشيد ترفع مختلف الآلهة  المصرية " آمون و رع و بتاح و رع حور آختي و آتوم " إلى مستوى السيطرة على  الطبيعة الكونية العالمية – و هو ما كان ينسب لآتون من قبل – و تعاملهم و  كأنهم مندمجون في كيان واحد و تخاطبهم بصيغة المفرد و لذلك فلا غرابة من  تصوير شكل ديني جديد ظهر على جدران معابد تخليد الذكرى في عصر الرعامسة –  على سبيل المثال معبد هابو – يتمثل في صورة إله عرفه الناس بإسم " آمون رع  آتوم حور آختي " و هو ظهر في هيئة آدمية و برأس الكبش و هي صورة توفيقية  تجمع في إسمها آمون و رع و حورس و آتوم و يعني هذا الإسم " خفي ( آمون ) هو  رع التام – الكامل ( آتوم ) الذي هو صقر ( حور ) الأفقين ( آختي ) " فهذا  الإله الكوني الشمسي الذي يتم دورته الشمسية على العالم في هيئة صقر من  الأفق الشرقي حتى الأفق الغربي و بالعكس هو إله خفي ( آمون ) في واقع الأمر  كما أنه إله خالق ، و لذا أعطوه هيئة الكبش ( بوصفه مجسدا لصفة الخصوبة و  إعادة البعث و التجدد و الخلق ) و هو ذات الإله الذي وصفته نصوص عصر  الرعامسة بأنه الإله الواحد الذي يضم في كيانه الآلهة الأخرى .
9 –  حاول ملوك عصر الرعامسة – و لاسيما رمسيس الثاني – من الإستفادة بأقصى قدر  ممكن من الإتجاه التوحيدي في مصر سياسيا فظهروا مندمجين مع معبودات مصر  الكبرى آمون و رع و بتاح و ست بوصفهم جميعا أشكال إلهية مختلفة لإله واحد  يتجسد في شخص الملك الحاكم الذي يسطر على العالم بأسره ( و هو نفس مفهوم  العمارنة التي نادت بالسيطرة الملكية للحاكم على العالم بوصفه تجسيدا لآتون  خالق شعوب الأرض بأسرها ) و هو ما تحقق على سبيل المثال في معبد أبو سمبل  الذي يتحد فيه الملك رمسيس الثاني بأكبر معبودات مصر ( آمون و رع و بتاح )  بينما كان هو نفسه يجسد المعبود ( ست ) إله الملكية المفضل في عصر الرعامسة  و تأكيد نصوص و مناظر المعبد على وصفهم جميعا بألوهية واحدة تتجسد في شخص  الملك الذي يظهر بألقابهم و صلاحياتهم و صفاتهم في المعبد مما يكشف عن  أمرين :
أ – محاولة السلطة الملكية في عصر الرعامسة الهادفة لإسترداد المركز الإلهي للملكية و الذي تدهور بعد أحداث العمارنة .
ب – إعادة توظيف مفهوم التوحيد الشمسي في عصر الرعامسة بشكل أيدولوجي ديني سياسي يخدم أهداف السلطة الملكية و لا يتنكر في ذات الوقت لمفهوم تعدد الآلهة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق