الاثنين، 28 نوفمبر 2011

سمات اللغة المصرية القديمة فى العصرين البطلمى و الرومانى و أسباب تعقيدها

بسم الله الرحمن الرحيم

سمات اللغة المصرية القديمة فى العصرين البطلمى و الرومانى و أسباب تعقيدها

......... و هنا يمكن القول أن المقصود بالكتابة البطلمية ( التسمية الشائعة ) هو أسلوب الكتابة فى المعابد المصرية فى العصرين البطلمى و الرومانى ويجب أن نضع فى الإعتبار مايلى :
1 - أن هذه اللغة المستخدمة فى ذلك الوقت كانت تعتبر لغة ميتة و ليست لغة الحديث اليومى بل إقتصر إستخدامها على الناحية الدينية .
2 - أنها ليست ظاهرة منعزلة عن أصل اللغة المصرية ، بل تطور منطقى لنوع من الكتابة أصبح شائعا فى العصر المتأخر و إن كانت له جذور سابقة فى الدولة الحديثة و الوسطى .
3 - أن نظام الكتابة و القواعد المستخدمة فى معابد العصرين البطلمى و الرومانى له فى الغالب أسلوب موحد و إن كانت لكل معبد خصائصه فى أسلوب الكتابة و شكل العلامات و القواعد و محتويات النصوص
4 - أن كتابة النصوص فى معابد ذلك العصر لم تكن على وتيرة واحدة من حيث الصعوبة فى نفس المعبد ، فالكتابة التزيينية لها استخدام محدد فى المعبد و توجد فى شريط الأساسات و الأفاريز و على الأبواب و الأعتاب و الأسقف و أحيانا على الأعمدة . أما غالبية النصوص الأخرى فى المعبد فإنها تكتب بأسلوب عادى و لاتشكل صعوبة فى قرائتها ، و تحتوى كل النصوص على على خليط من العلامات و القيم الصوتية المعروفة و الجديدة و ذلك جنبا الى جنب فى الجمل و العبارات .
و لدراسة سمات اللغة فى هذه الفترة يجب أن نعى أولا أن هذه الكتابة ليست نمطية و تشكل حسب طبيعة النصوص و مكانها فى المعبد ، درجات مختلفة من الصعوبة . فبدلا من ال760 علامة المعروفين فى قائمة ( جاردنر ) أصبح الأمر يتعلق بآلاف العلامات التى يقابلها القارىء ، و حتى تلك المألوفة ، إكتسبت قيما صوتية جديدة مما يزيد من صعوبة الأمر
لماذا أقدم المصريون على تعقيد كتابتهم فى ذلك العصر ؟
يجب البحث فى أسباب تاريخية و نفسية عند المحاولة الإجابة على هذا السؤال .
يرى عدد كبير من الدارسين أن أنه مع الإحتلال البطلمى للبلاد و بإستقدام نظام إدارى مختلف ، و تميز الكاتب الكاهن عن الكاتب الإدارى و بدأ إستخدام الهيروغليفية ينحصر فقط فى الكتابة على جدران المعابد . و من هنا بدأ الكهنة يلعبون دورهم فى تلغيز الكتابة الهيروغليفية و بدأ الإسهاب فى كتابة النصوص المصاحبة للمناظر الدينية و التى كان مجرد وجود المناظر يكفى لفهم مضامينها فى الماضى .
لقد وجدت الحضارة المصرية نفسها وجها لوجه أمام شعوب شابة كانت تنظر إليهم بإحتقار فى الماضى ، ثم فرضوا أنفسهم أولا كجنود و تجار ثم كسادة للبلاد بعد ذلك و انتشرت المستوطنات اليونانية فى الريف و استقطبت الإدارة المركزية لنفسها كل الأنشطة النافعة فى البلاد .
إذن ماذا يتبقى للمصرى بعد إحتلال أرضه و السلب التدريجى لكل المهام التى كان يمكن أن يقوم بها فى الماضى ؟
تيقى له عقيدته التى لايستطيع أن ينازعه فيها أحد . و من هنا بدأ الإهتمام الشديد بما كان يعتبره فى الماضى أمرا عاديا روتينيا . وظهرت الحاجة لأن يحفظ بالنقش على جدران المعابد الأساطير الأساسية و طقوس الخدمة اليومية و الأعياد الموسمية و تقدمات القرابين و الأناشيد الدينية و المواكب الجغرافية و الأدوات المقدسة ، كل ذلك على جدران المعابد و على الأعمدة و حتى داخل الأقبية .
أراد الكهة حفظ معتقداتهم بنقشها على الجدران أكثر من إثارة رغبة القارىء فى محاولة فهمها فالكثير من النصوص الموجودة على جدران المعابد لايمكن قرائتها لبعدها عن عين السائر على أرضية المعبد ، مما يجعلنا نعتقد بأن هذه النصوص لم تنقش لتقرأ ، أو أن المصرى تنبأ بخلو المعبد من كهنته فأراد له أن يؤدى وظيفته بنفسه ( المعبد ) كمنظم كونى . فكل النصوص موجودة على جدرانه و لها تأثيرها الفعال بنفسها دون أن تقرأها أى عين ، تماما كالنصوص الموجودة داخل المقابر المغلقة .
إذن من المستبعد أن تكون الرغبة فى التعمية و التلغيز هى مبعث هذه الكتابة الجديدة و ذلك لسببين رئيسيين :
1 - أن النصوص الأكثر صعوبة و التى نجدها فى شرائط الأساس ليست إلا نصوصا وصفية أما الوثائق العقائدية فنجدها مكتوبة بلغة سهلة .
2 - إن دراسة الوثائق التى ترجع للفترة من الأسرة 26 - 30 أى الألف الأول قبل الميلاد ، توضح إستخدام العلامات التى عرفت فيما بعد بإسم بطلمية و قبل أن تكتب هذه العلامات فى المعابد .
و على هذا فنجد أن أسلوب الكتابة ذلك كان نظاما موجودا من قبل و تم تعميمه فى العصر البطلمى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق