بسم الله الرحمن الرحيم
( الحضارة ظاهرة إنسانية عامة )
.................................... إن الحضارة ليست سوى ظاهرة إنسانية عامة ، فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذى يرتقى و يعمل على تحسين أحواله بفضل ماأهداه الله من عقل ، يمكنه من التفكير و إختزان المعلومات و الربط بنها و الإفادة منها ، و لذلك يتجه دارسوا الأنثروبولوجى إلى إقرار حقيقة هامة : ( كل أجناس البشر متحضرة ، و ما من شعب إلا و له مستواه الحضارى ، و الفرق فى المستويات ) . كل مايحدث هو أن تمر على شعب من الشعوب ظروف تدفع به إلى التحرك ، و الخروج من ( سكون البداوة ) إلى ( حركة الحضارة ) على حد تعبير إبن خلدون . و تكون هذه الظروف من صنع الطبيعة كما حدث عندما أخذت الثلوج تنسحب نحو شمال الكرة الأرضية فى نهاية العصر الجليدى الثالث ، فكانت الأرض فى بدايتها برك و مستنقعات لم تلبث أن خفت رويدا رويدا ، فتحولت إلى أرض منبسطة تتخللها الغابات و الأشجار ، فأتيحت للإنسان فرصة الإستقرار فى أوفق البيئات لحياته فى ذلك الحين ، و لم تكن هذه المناطق سوى تلك الأماكن التى كان الثلج يغطيها و الذى أصبح فيما بعد ذلك الحزام الأرضى الذى تغطيه اليوم الصحارى الكبرى التى تقطعها الأنهار ، فلما حلت ظروف مناخية جديدة قاسية نتج عنها مجىء موجات جفاف أصابت مواقع عديدة من الأرض ، إضطر الإنسان لأن يتفاعل بشكل إيجابى تجاه هذه الظروف الجديدة ، فاتجه نحو المناطق التى يتوافر فيها مصادر المياه الثابتة .
و هناك فى تلك المناطق إستقرت الجماعات البشرية و أخذت تصنع الحضارة بادئة بالزراعة التى تعتبر الخطوة الأساسية فى تاريخ حياة البشر لأنها بداية الإستقرار ، و الإستقرار نفسه يعنى ميلاد الحضارة . و لكن ينبغى أن نؤكد على قاعدة ذات دلالة فكرية هامة : ( إن الظروف البيئية هى التى تدفع لنشأة الحضارات ، فهناك ظروف مواتية و أخرى غير مواتية لقيام الحضارات و تطورها ) ، فهناك حضارات كثيرة قامت ثم وقفت مكانها دون أن تتقدم ، لأن الظروف التى قامت فيها تغيرت ، أو لم تسمح بالتقدم إلا بذلك القدر اليسير أو لأن الجماعة لم تجد مايحفزها على متابعة التقدم ، و هذا هو حال بعض الجماعات فى أفريقيا و جنوب شرق آسيا و استراليا ، فهذه كلها جماعات تعيش فى عصور ماقبل التاريخ ، لأن البيئة الجغرافية وفرت لها المأوى و الطعام ، فلم تجد مايثيرها نحو التغيير أو التقدم و لاريب أن الحرارة و الرطوبة الزائدتين على الحد تحددان القدر الذى يستطيع الإنسان بذله من مجهود .
و فى أحيان كثيرة نجد أن الجماعات البدائية كبلت نفسها بقيود سياسية أو إجتماعية أو دينية حبستها داخل إطار فأصبحت كالدودة التى تتحول الى شرنقة ، فأما السياسية فقد ثبت أن بعض الجماعات البدائية وضعت لنفسها نظما فى رئاسة القبيلة و ترتيبها الطبقى لا يسمح بالتقدم ، و أما الإجتماعية فهناك قبائل اقتصرت على التزاوج فيما بينها فوهن الجنس و تضعضع مع الزمن و أصبح غير صالح لكفاح الحياة فوقف مكانه .
و حتى الحضارات المتقدمة قد تصاب بظروف و عوامل توقف تقدمها الحضارى أو تعود بها إلى الوراء و غالبا ماتتمثل هذه العوامل فى انتكاسات سياسية و إقتصادية و المثل الظاهر لدينا نستقيه مما حدث فى مصر القديمة فى أواخر عصر الدولة القديمة و بدايات عصر الإنتقال الأول ، حيث لم يعد الملك قادرا على جمع خيرات الأقاليم فى مقره الملكى فى منف و ذلك بعد أن آنس حكام الأقاليم فى انفسهم القوة فناوئوا السلطة و شقوا عصا الطاعة و من هنا لم يعد البيت المالك قادرا على توفير الإحتياجات التموينية لعامة الشعب و من هنا كانت النهاية السياسية لذلك العصر و تأهبت البلاد لدخول عصر إنتقال ، قلت إنجازاته الحضارية مما يدل بوضوح أن الحضارة تتراجع بسبب الإنتكاس السياسى و الإقتصادى .
هل يرتبط صنع و تقدم الحضارات بالجنس البشرى ؟ .... يذهب القائلون بنظرية الجنس إلى أن بعض أجناس البشر تتقدم و تزداد قوة ، لأن جنسها أو نفرا من قادته مهيأ للتقدم ، بينما لاتتمتع أجناس أخرى بمواهب كافية للتقدم فتميل الى الركود و يرون ان السبب فى ذلك هو أن الجماعات البشرية المهيأة بطبعها للتقدم تتميز غالبية بخصائص بدنية و عقلية لا تتوافر عند الجماعات المتخلفة حضاريا . و أكثر القائلين بهذا الرأى هم من أهل الغرب ، و القول بإمتياز الأجناس بعضها على بعض شائع عند معظم الأمم فى العصور القديمة إلا أن النتائج الأنثروبولوجية الحديثة أثبتت فساد هذه النظرية ، فلابد من وجود طرفين للمعادلة الحضارية : 1 - الإنسان و قدراته و خبراته 2 - البيئة و ماتقدمه من إمكانيات و ظروف متاحة .
( الحضارة ظاهرة إنسانية عامة )
.................................... إن الحضارة ليست سوى ظاهرة إنسانية عامة ، فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذى يرتقى و يعمل على تحسين أحواله بفضل ماأهداه الله من عقل ، يمكنه من التفكير و إختزان المعلومات و الربط بنها و الإفادة منها ، و لذلك يتجه دارسوا الأنثروبولوجى إلى إقرار حقيقة هامة : ( كل أجناس البشر متحضرة ، و ما من شعب إلا و له مستواه الحضارى ، و الفرق فى المستويات ) . كل مايحدث هو أن تمر على شعب من الشعوب ظروف تدفع به إلى التحرك ، و الخروج من ( سكون البداوة ) إلى ( حركة الحضارة ) على حد تعبير إبن خلدون . و تكون هذه الظروف من صنع الطبيعة كما حدث عندما أخذت الثلوج تنسحب نحو شمال الكرة الأرضية فى نهاية العصر الجليدى الثالث ، فكانت الأرض فى بدايتها برك و مستنقعات لم تلبث أن خفت رويدا رويدا ، فتحولت إلى أرض منبسطة تتخللها الغابات و الأشجار ، فأتيحت للإنسان فرصة الإستقرار فى أوفق البيئات لحياته فى ذلك الحين ، و لم تكن هذه المناطق سوى تلك الأماكن التى كان الثلج يغطيها و الذى أصبح فيما بعد ذلك الحزام الأرضى الذى تغطيه اليوم الصحارى الكبرى التى تقطعها الأنهار ، فلما حلت ظروف مناخية جديدة قاسية نتج عنها مجىء موجات جفاف أصابت مواقع عديدة من الأرض ، إضطر الإنسان لأن يتفاعل بشكل إيجابى تجاه هذه الظروف الجديدة ، فاتجه نحو المناطق التى يتوافر فيها مصادر المياه الثابتة .
و هناك فى تلك المناطق إستقرت الجماعات البشرية و أخذت تصنع الحضارة بادئة بالزراعة التى تعتبر الخطوة الأساسية فى تاريخ حياة البشر لأنها بداية الإستقرار ، و الإستقرار نفسه يعنى ميلاد الحضارة . و لكن ينبغى أن نؤكد على قاعدة ذات دلالة فكرية هامة : ( إن الظروف البيئية هى التى تدفع لنشأة الحضارات ، فهناك ظروف مواتية و أخرى غير مواتية لقيام الحضارات و تطورها ) ، فهناك حضارات كثيرة قامت ثم وقفت مكانها دون أن تتقدم ، لأن الظروف التى قامت فيها تغيرت ، أو لم تسمح بالتقدم إلا بذلك القدر اليسير أو لأن الجماعة لم تجد مايحفزها على متابعة التقدم ، و هذا هو حال بعض الجماعات فى أفريقيا و جنوب شرق آسيا و استراليا ، فهذه كلها جماعات تعيش فى عصور ماقبل التاريخ ، لأن البيئة الجغرافية وفرت لها المأوى و الطعام ، فلم تجد مايثيرها نحو التغيير أو التقدم و لاريب أن الحرارة و الرطوبة الزائدتين على الحد تحددان القدر الذى يستطيع الإنسان بذله من مجهود .
و فى أحيان كثيرة نجد أن الجماعات البدائية كبلت نفسها بقيود سياسية أو إجتماعية أو دينية حبستها داخل إطار فأصبحت كالدودة التى تتحول الى شرنقة ، فأما السياسية فقد ثبت أن بعض الجماعات البدائية وضعت لنفسها نظما فى رئاسة القبيلة و ترتيبها الطبقى لا يسمح بالتقدم ، و أما الإجتماعية فهناك قبائل اقتصرت على التزاوج فيما بينها فوهن الجنس و تضعضع مع الزمن و أصبح غير صالح لكفاح الحياة فوقف مكانه .
و حتى الحضارات المتقدمة قد تصاب بظروف و عوامل توقف تقدمها الحضارى أو تعود بها إلى الوراء و غالبا ماتتمثل هذه العوامل فى انتكاسات سياسية و إقتصادية و المثل الظاهر لدينا نستقيه مما حدث فى مصر القديمة فى أواخر عصر الدولة القديمة و بدايات عصر الإنتقال الأول ، حيث لم يعد الملك قادرا على جمع خيرات الأقاليم فى مقره الملكى فى منف و ذلك بعد أن آنس حكام الأقاليم فى انفسهم القوة فناوئوا السلطة و شقوا عصا الطاعة و من هنا لم يعد البيت المالك قادرا على توفير الإحتياجات التموينية لعامة الشعب و من هنا كانت النهاية السياسية لذلك العصر و تأهبت البلاد لدخول عصر إنتقال ، قلت إنجازاته الحضارية مما يدل بوضوح أن الحضارة تتراجع بسبب الإنتكاس السياسى و الإقتصادى .
هل يرتبط صنع و تقدم الحضارات بالجنس البشرى ؟ .... يذهب القائلون بنظرية الجنس إلى أن بعض أجناس البشر تتقدم و تزداد قوة ، لأن جنسها أو نفرا من قادته مهيأ للتقدم ، بينما لاتتمتع أجناس أخرى بمواهب كافية للتقدم فتميل الى الركود و يرون ان السبب فى ذلك هو أن الجماعات البشرية المهيأة بطبعها للتقدم تتميز غالبية بخصائص بدنية و عقلية لا تتوافر عند الجماعات المتخلفة حضاريا . و أكثر القائلين بهذا الرأى هم من أهل الغرب ، و القول بإمتياز الأجناس بعضها على بعض شائع عند معظم الأمم فى العصور القديمة إلا أن النتائج الأنثروبولوجية الحديثة أثبتت فساد هذه النظرية ، فلابد من وجود طرفين للمعادلة الحضارية : 1 - الإنسان و قدراته و خبراته 2 - البيئة و ماتقدمه من إمكانيات و ظروف متاحة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق