الخميس، 21 يونيو 2012

العلاقة بين الكوبرا المصرية و إله الشمس رع منذ عصر الأسرة صفر و حتى نهاية عصر الدولة القديمة


بسم الله الرحمن الرحيم 

‎( العلاقة بين الكوبرا المصرية و إله الشمس رع منذ عصر الأسرة صفر و حتى نهاية عصر الدولة القديمة ) ........................................................................................................................
لعبت الثعابين بشكل عام دورا هاما فى المعتقدات المصرية القديمة ، فقد  كانت تمثل القوى الحارسة و الحامية للعالم فضلا عن كونها تحافظ على النظام  الكونى . إلا أن دورها لم يكن دائما إيجابيا ، ففي بعض الأحيان كانت تظهر  كقوى شر سلبية مهددة للكون و لذا فقد رمزت للتوازن الكوني بين قوى الخير و  النظام و قوى الشر و الفوضى .
 يحاول الدارس من خلال هذا المقال الموجز  أن يتناول الصلة بين الكوبرا المصرية و معبود الشمس رع . و الحقيقة أن هذا  الإرتباط بينهما لم يظهر فجأة فى عصر الدولة القديمة و إنما كان له مقدمات و  إرهاصات ظهرت منذ عصر نقادة الثالثة ( الأسرة صفر ) – تبدأ حوالي 3200 ق.م  و حتى 3000 ق.م ) و هو ما أكدته المناظر المنفذة على الصلايات التى ظهرت  خلال تلك الحقبة فقد شاعت مناظر حيوانات الشمس المنفذة صلايات الأسرة صفر  مثل صلاية الأكسفورد و التى يرمز فيها فجوة صحن الكحل بأنها قرص الشمس و  يحيط بها فهدين ذوي رقبة ثعبانية ، حيث يرى عالم المصريات – فستندورف –  أنها ربما تشير إلى ثعبان الكوبرا و أنها تعكس فكرة إتحاد الأفقين الشرقي و  الغربي مرتبطا بتفسير سياسي يعبر عن وحدة الأرضين ، بما يتناسب و يتوافق  مع المعطيات السياسية لذلك العصر ( نقادة الثالثة – الأسرة صفر ) الذي شهدت  فيه البلاد الوحدة السياسية
و يتفق الباحث مع تفسير فستندورف بناءا على البرهانين التاليين :
1 – ظهر على سكين جبل الطارف تصوير لثعبانين ملتفين حول بعضهما و بين  لفاتيهما توجد زهرة مستديرة تعبر عن فجوة صحن الكحل إشارة لقرص الشمس الذي  يلتف حوله ثعبانى الكوبرا
2 – فى مرحلة متطورة خلال عصر الأسرة صفر  تمثلت حية الكوبرا ملتفة حول نفسها على أحد صلايات متحف اللوفر بحيث تشكل  الإطار الخارجي لفجوة صحن الكحل و ترمز بذلك لحماية قرص الشمس
و هنا ينبغي لنا أن نتسائل : لماذا صور المصري القديم حية الكوبرا ملتفة حول قرص الشمس منذ عصر الأسرة صفر – نقادة الثالثة ؟
لاحظ المصري القديم أن حية الكوبرا تلتف دائما حول نفسها فى شكل دائري  مخفية رأسها فى جسدها و عند شعورها بالخطر فتبرز رأسها لتبث سمومها من فمها  لدرء الشر أو الخطر القادم نحوها مما أثار إنتباه المصري القديم و أدرك أن  إلتفافها حول نفسها فى شكل دائري يشابه قرص الشمس و فى خروجها من لفاتها  كأنها تخرج من نفس القرص لحمايته .
و عند تناول دورها فى عصر الدولة  القديمة ، فإننا هنا نتحدث عن نصوص الأهرام التى أشارت لها تحت مسمى ( إعرت  ) بمعنى الصاعدة فى حالة إرتباطها بالإله رع ( أى التى تصعد لرأس أو جبين  رع ) و صلتها بالسماء و كذلك أيضا تحت مسمى ( جت ) بمعنى الخلود كما هو  واضح فى المتن رقم 244 الذي يقول : قول كلام – إن جت ( حية الكوبرا ) هناك  فى السماء
كما أشارت متون الأهرام بوجود الكوبرا المصرية على جبهة رع  فى المتن رقم 442 : إن رع يشرق و آخت ( حية الكوبرا ) تعلو رأسه – بما يعنى  أن الكوبرا فى هذا السياق تعادل كلمة الآخت بمعنى الأفق ، فكما لو كان  الأفق هو حية الكوبرا التى تلتف حول رع عند شروقه لحمايته . و نجد فى متن  آخر أن الملك يصعد إلى أمه هذه ( إعرت ) – ( الكوبرا المصرية ) – التى على  رأس رع . . و لذلك يتبين لنا من هذه المتون أن ( إعرت ) التى على رأس رع لم  تكن حامية له فقط و إنما حاملة لصفة الأمومة للملك المتوفى كما يظهر بشكل  واضح فى متون الأهرام حيث تقوم بإرضاعه من ثديها و إعتبرت أيضا فى هيئة  سيدة تحيط ملك مصر العليا برعايتها و أنها اليقظة التى هى رمز للحياة .
لم يكتفي المصري القديم بالوظائف السابقة ، بل نسب إليها وظيفة ثباتها على  جبهة رع كما إرتبطت بمركب الشمس النهارية – معنجت – فكانت الحامية لها و  بالتالى حامية لمعبود الشمس نفسه داخلها
و هنا نتسائل : ما الذي جمع بين الكوبرا المصرية و معبود الشمس رع ؟ و ماذا يعنى وضعها على جبهة رع ؟
رأى المصري القديم أن الشمس كوكبا ناريا كما فى النص رقم 702 من متون  الأهرام ، و من جانب آخر إعتقد أن حية الكوبرا تنفث بفحيحها نارا كما ذكر  فى المتن رقم 302 من متون الأهرام حيث يقول : تنفث الحية بفحيحها نارا  لحماية الملك . و كما سبق ذكره ، فقد إرتبطت حية الكوبرا من خلال مسمياتها (  إعرت ) و ( آخت ) بعالم السماء ، فكان ذلك سببا لوضعها على جبهة رع راميا  بذلك إلى حراسته و حمايته و تصبح بهذا الوضع أول من يواجه المخاطر التى قد  تصادف رع فتنفث فيها بنيرانها ، و ما يؤكد على ذلك هو إحدى متون الأهرام  التى كشفت عن أن الملك يجيء من وراء الحية ، الأمر الذي يشير إلى سبقها له  لمواجهة المخاطر ، و قد يكون الوضع الذي نرى عليه الحية هو الذي أدى إلى  ذلك ، فالحية إنما ترى ملتفة حول نفسها فى شكل دائري لكي تخفي رأسها فى  جسدها فإذا ما شعرت بأى خطر أبرزت رأسها لتدرأ الشر بسمومها التى تنفثها  نارا فقرب المصري القديم بين هذا الشكل و قرص الشمس ثم صور الحية و كأنها  تخرج منه لتحميه من المخاطر كما سبق و أن ذكرنا من قبل
و من هنا يمكن لنا أن نستنتج حقيقة هامة و هى : أن حية الكوبرا المصرية عند إرتباطها بمعبود الشمس رع فهى تمثل قوة الشمس – رع – فهو مصدرها و هى حامية له ، و هو الأمر الذي أكدت عليه فقرات أخرى من متون الأهرام حيث تشير ضمنا إلى بنوة حية الكوبرا المصرية إلى الإله رع فهى تخرج منه لكى تستمد قوتها بما يعنى أنه هو ذاته مصدرها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق