بسم الله الرحمن الرحيم
( الفترة الإنتقالية ما بين نهاية الأسرة الرابعة و بداية الأسرة الخامسة – رؤية جديدة )
كيف إنتهى عصر الأسرة الرابعة ؟ و لماذا إعتبر مانيتون الملك ( أوسركاف ) هو أول ملوك الأسرة الخامسة ؟ هل هناك علاقة ما تربط بين الأسرتين الرابعة و الخامسة ؟ فى بادىء الأمر أود أن أهدى هذا المقال للأستاذة القديرة و الأخت العزيزة ( نورا إبراهيم ناصيف ) لشغفها و إهتمامها الواضح لمعرفة كل ما ا ستجد فى علم المصريات . لقد أشارت بردية وستكار إلى أن ملوك الأسرة الخامسة لم ينحدروا من منشأ ملكى الأصل و أنهم نسجوا أسطورة الولادة الإلهية الشمسية لكى يبرروا شرعيتهم السياسية حيث تدعى تلك الأسطورة أن أبيهم هو ( رع ) الذى قدر أمر إختيارهم لكى يحكموا البلاد بعد إنقطاع نسل الملك ( خوفو) ثانى ملوك الأسرة الرابعة . و لكن التساؤل المشروع الذى يطرح نفسه : ما مدى المصداقية التاريخية لبردية وستكار فى ذلك الصدد ؟
تناول الدارس فى مقال سابق تلك القضية و تبين له الحقائق التالية :
1 – لم تسجل هذه البردية فى عصر الدولة القديمة ، فأسلوبها اللغوى يشير إلى أن زمن كتابتها يعود لعصر الدولة الوسطى ، إلا أن أقدم نسخة معروفة لها ترجع إلى نهاية عصر الإنتقال الثانى ( الأسرة السابعة عشرة ) مما يعنى أنه قد تم إعادة نسخها من وثيقة أقدم زمنيا و فى كل الأحوال ينبغى توخى الحذر فى قبول ما ورد بها من وقائع نظرا لأن زمن تسجيلها لأول مرة لم يعاصر على الإطلاق عصر الدولة القديمة
2 - لم تظهر أى ملكة طوال عصر الأسرة الرابعة أو الخامسة بإسم ( رود جدت ) على الآثار المصرية و هى الملكة التى ورد ذكرها فى البردية بكونها أم للملوك الثلاث الأوائل للأسرة الخامسة ، فالملكة المعروفة لدينا من خلال وثائق تلك الفترة هى ( خنت كاوس ) المدفونة فى جبانة الجيزة بجوار هرم الملك ( منكاوورع ) و لا يمكن أن تكون ( خنت كاوس ) هى ذاتها ( رود جدت ) التى ذكرت فى وستكار ، ف ( خنت كاوس ) كانت بنت ملك و زوجة ملك وأم لملكين حكما مصر بينما كانت ( رود جدت ) زوجة كبير كهنة الشمس آنذاك و هى لا تنحدر من أصل ملكي مثلما تشير البردية
3 – كشفت حفائر دكتور ( طارق العوضى ) فى أبو صير - و هو ما سنذكره فى الصفحات اللاحقة بشكل تفصيلى - عن أمر هام و هو : أن ملوك الأسرة الخامسة كانوا منحدرين الأصل من ملوك الأسرة الرابعة و أن الملك ( شبسسكاف ) – آخر ملوك الأسرة الرابعة – كان أخا للملك ( أوسر كاف ) – أول ملوك الأسرة الخامسة – مما يعنى وجود تواصل تاريخى وعدم إنقطاع بين الأسرتين ، الأمر الذي يدحض تماما مضمون أسطورة وستكار
4 – كبار كهنة الشمس طوال عصر الأسرة الرابعة كانوا هم أبناء الملوك و هو ما أكدته ألقاب الأمراء الملكيين المسجلة على آثارهم و ذلك يخالف ما ورد ذكره فى بردية وستكار التى تشير إلى كبير كهنة الشمس بوصفه شخص من منشأ غير ملكي
5 – جميع أسماء السحرة ( و حتى إسم الساحر جدى ) الذين أشارت لهم البردية لم تكن سوى أسماء شائعة فى عصر الدولة الوسطى و الحديثة و لم تظهر أبدا مثل هذه الأسماء خلال عصر الدولة القديمة
6 – يظهر الملك ( خوفو ) فى القصة محاطا بأبنائه حيث يقص كل إبن منهم على أبيه حكاية وقعت فى عصر أحد الملوك الأسلاف ، الأمر الذى يعنى أن خوفو كان متقدما فى السن و قبل أن يشيد مقبرته الهرمية مما جعل القلق يستولى عليه ، فكان ذلك هو الدافع وراء بحثه عن تصميم مقبرة المعبود ( جحوتى ) لكى يجعل مقبرته تتماثل فى تصميمها المعماري مع مقبرة ( جحوتى ) و هو أمر يتناقض مع دارج و معروف من وثائق و آثار عصر الدولة القديمة التى تكشف بوضوح عن أن الملك يبدأ فى تشييد هرمه فى العام الأول من حكمه و لا ينتظر كل ذلك الوقت الذى أشارت له البردية
7 – كل ما ورد فى القصة من قيم و مفاهيم حضارية دينية وسياسية هى من نبت عصر الدولة الوسطى التى أكدت نصوصها على أن إله الشمس يختار الملك و هو فى بطن أمه كإبن له من بين ملايين الناس و أنه ليس من الضرورى أن يكون ذلك الملك المختار من رع منحدر من عائلة ملكية مما يعكس أن هذه القصة لا تشير من قريب أو بعيد لأحداث تاريخية وقعت فى عصر الدولة القديمة
و لكن ذلك لا يمنع من وجود مضمون دينى لبردية وستكار و هو مفهوم الولادة الإلهية الذى تناولته الأسطورة حيث تربط ولادة الملوك الثلاث الأوائل للأسرة الخامسة لأب من كهنة الشمس و لكن بفضل تدخل مباشر من رع يتقمص روح و جسد ذلك الأب الكاهن فيصبحون عندئذ أبناء ( رع ) و هو أمر يتفق مع واقع القصة وإزدهار ديانة الشمس فى عصر الأسرة الخامسة ، فقد كشفت الدراسات الحديثة أن مناظر الولادة الإلهية ربما ظهرت على جدران المعابد الجنزية لملوك الأسرة الخامسة فى أبوصير و ذلك بناءا على وجود عناصر مشتركة فى قصة الولادة الإلهية لوستكار و بعض مناظر المعابد الجنزية لملوك الأسرة الخامسة و مناظر الولادة الإلهية فى معابد الدولة الحديثة و هو ما أشار إليه دكتور محمد حسون فى رسالته عن وظائف و موظفوا القصر الملكى و ربما كان ذلك هو الدافع الرئيسي لإختيارهم فى الأسطورة كأبناء لرع ثم الإدعاء بأنهم لم يكونوا من منشأ ملكى ، و هنا ينبغى أن نشير إلى مقالات لعدد كبير من علماء المصريات مثل ( هلك ) و ( هورنونج ) و ( فرانشيسكو ) ظهرت فى الحقل العلمى لكى تنوه إلى أدلة أثرية و كتابية جديدة توضح نتيجة هامة فيما يتعلق بقصة الولادة الإلهية للملوك و هى : وجود إرتباط دينى قوى و وثيق بين الولادة الإلهية و العقيدة الملكية بوجه عام و بصرف النظر عن فكرة المنشأ الغير ملكى للحاكم بغرض إضفاء شرعية سياسية ، فمولد الملك من أصل إلهى هى فكرة تبناها جميع الملوك الذين حكموا مصر منذ نهايات عصر الأسرة صفر و حتى العصرين البطلمى و الرومانى و لكن إختلفت طرق التعبير عنها على الآثار المصرية ، كما إختلفت تفاصيلها و أحداثها على الآثار المصرية
و ينبغى لنا أن نتناول الوضع التاريخى للشخصيات الهامة التى ظهرت فى نهاية الأسرة الرابعة مثل الأميرة ( خنت كاوس ) ، و التى تعتبر حلقة وصل فعلية بين الأسرتين الرابعة و الخامسة و من هنا نشير إلى أن ( خنت كاوس ) كانت زوجة للملك ( منكاورع ) و لم تكن زوجة للملك ( شبسسكاف ) كما كان يعتقد العديد من الدارسين فى السابق و يظهر أن الملك منكاورع قد فقد أحد أبناءه و الذى كان من المفترض أن يكون الوريث الشرعى ( خو إن رع ) ، فجاءت الزوجة الملكية الثانوية ( خنت كاوس ) و أرادت أن تولى زمام الأمور لإبنها الأمير ( شبسسكاف ) و الذى كانت تعوزه فعليا هذه الشرعية نظرا لأن أمه ( خنت كاوس ) لم تكن زوجة رئيسية حاملة للدم الملكى للسببين التاليين :
1 – لم تأخذ خنت كاوس فى قبرها و لا على تماثيلها لقب ( الزوجة الملكية العظمى ) أو لقب ( زوجة الإله ) ، و هى الألقاب التى كانت توهب للزوجة الرئيسية الحاملة للدم الملكى
2 – لم تظهر ( خنت كاوس ) فى التماثيل الثلاثية الشهيرة للملك منكاورع على الإطلاق و إنما ظهرت معه زوجته ( خع مرر نبتى الثانية ) التى يرجح أنها كانت الزوجة الرئيسية له
و من الأمور التى حيرت علماء المصريات فترة طويلة من الزمن هو اللقب الذى ظهر فى مقبرة ( خنت كاوس ) و إختلف العلماء فى تفسيره و هو ( أم ملكى مصر العليا و السفلى ) فى رأى البعض أو ( ملك مصر العليا و السفلى و أم ملك مصر العليا و السفلى ) فى رأى البعض الآخر ، إلا أن هذه الدراسة تميل و لأسباب مبدئية علمية للأخذ بالتفسير الأول و هو ( أم ملكى مصر العليا و السفلى ) ، حيث كشفت حفائر ( طارق العوضى ) فى أبو صير أن ( خنت كاوس ) كانت أما أيضا للملك ( أوسر كاف ) أول ملوك الأسرة الخامسة كما سنذكر ذلك الأمر لاحقا ، بما يعنى أنها كانت أما لآخر ملوك الأسرة الرابعة و أول ملوك الأسرة الخامسة و أنها حافظت على العرش لولدها الثانى ( أوسر كاف ) بعد موت الولد الأول ( شبسسكاف ) حيث حكم فترة قصيرة من الزمن و لم يترك وريث له على العرش أما عن الشخصية التاريخية الثانية التى عاصرت نهايات الأسرة الرابعة و هو الملك ( شبسسكاف ) فنقول عنه ما يلي :
1 – تصور البعض أنه إبتعد عن الديانة الشمسية لأنه إنصرف عن إختيار هيئة الهرم كشكل لمقبرته الملكية و أنه قد شيد مقبرة على هيئة تابوت ضخم أو مصطبة كبيرة و أنه قد إتخذ لنفسه إسما غاب عنه المنطوق اللفظى لمعبود الشمس ( رع ) و أنه قد إختار أن يدفن فى جنوب سقارة و ليس فى جبانة الجيزة لكى يبتعد عن الشكل الهرمى و نفوذ كهنة الشمس
2 – يشير المرحوم الدكتور عبد العزيز صالح إلى تساؤل هام : هل إختار ( شبسسكاف ) ذلك الإسم عندما إعتلى العرش و استعاض به عن إسم قديم لا نعرفه أم إختاره له أبواه منذ مولده ؟ فلو صح إختيار الإسم فى عهد أبويه و هذا هو الأرجح لترتب على ذلك أنه لم يناصر أو يعادى كهنة الشمس بالضرورة و إنما ترد تبعية إختيار ذلك الإسم إلى عصر أبيه ( منكاورع ) و لم يقل أحد أن ( منكاورع ) قد تناول الديانة الشمسية بشيء من العداء
3 – إن المقبرة التى شيدها ( شبسسكاف ) على هيئة المصطبة الضخمة هى تجسيد للتل الأزلى الذى نادى به المذهب الشمسي الذى برز إلى الوجود فى بدء الخليقة ( انظر مقال : تل رع أم تل آتوم – لدتور عبد العزيز صالح ) و هو المعنى الذى ورد كثيرا فى متون الأهرام و فى أكثر من فقرة كما أن المقبرة ذاتها تظهر فى سياق العناصر المعمارية للمجموعة الهرمية ذات المدلول الدينى الشمسي حيث يوجد بجوارها معبد وادى و جنزى و طريق صاعد مما يعنى أن الطقوس التى كانت تؤدى فى تلك المنشآت هى شعائر تربط الملك الحاكم بالديانة الشمسية
4 – إن سبب عودة ( شبسسكاف ) إلى جنوب سقارة أو شمال دهشور لم يكن بالضرورة قرار يهدف إلى التعبير عن سياسة دينية تعادى الديانة الشمسية ، فلم يتبقى من محاجر الجيزة أحجارا جيرية ذات جودة عالية تكفى لبناء مقبرة ضخمة فى تلك الجبانة ، فلم يتبقى فى الجيزة مكان مناسب لبناء مقابر ملكية أخرى بنفس جودة الحجر الجيرى الذى شيد به ملوك الجيزة مقابرهم
5 – ثبت لنا أن ( شبسسكاف ) قد إستخدم نفس المحجر الذى قطع منه الملك ( سنفرو ) الحجارة الكافية لبناء هرميه فى دهشور ، حيث يقع هذا المحجر 1 كم جنوب غرب مصطبة ( شبسس كاف ) و كان ذلك المحجر ذو جودة عالية مقارنة بما تبقى من محاجر الجيزة و محاجر سقارة
يتبين لنا مما تقدم أن إنتقال العرش بشكل سلمى بين الأسرتين الرابعة و الخامسة هو أمر ترجحه شواهد أخرى ترجع لنفس العصر و هى :
1 – تشير النصوص فى العديد من مقابر كبار رجال الدولة إلى أنه لم يكن هناك صدام سياسي درامى قد حدث بين الأسرتين فقد سجل أحد أبناء الملك ( خع إف رع ) و هو يدعى ( سخم كا رع ) أن كلا من الملوك ( خع إف رع ) و ( من كاوو رع ) و ( شبسسكاف ) و ( أوسر كاف ) أول ملوك الأسرة الخامسة و ( ساحورع ) ثانى ملوك الأسرة الخامسة قد منحوه التقدير و الإحترام
2 – نعلم كذلك أن كبير كهنة منف ( بتاح شبسس ) قد تربى فى قصر الملك ( منكاورع ) و تزوج من بنت الملك ( شبسس كاف ) و هى الأميرة ( خع ماعت ) و يغلب على الظن أنها لم تكن حاملة للدم الملكى ، و أصبح كبير كهنة منف فى عصر الملك ( أوسر كاف ) مما يعنى أنه كان ترقى الى هذا المنصب فى الفترة التى تفصل ما بين الأسرتين مما يدل على هدوء و إستقرار الأمور السياسية فى البيت المالك
3 – أصدر الملك ( أوسر كاف ) مرسومين ملكيين لحماية و ترميم المعبد الجنزى للملك ( منكاورع )
يعترف الباحث بأمر هام : أن تولى أى ملك للحكم أو تولى مؤسس الأسرة الملكية لزمام الأمور فى البلاد هو أمر درجت و إعتادت النصوص على إظهاره أنه قد مر بهدوء و سلام فى معظم الأحيان ، فلا تشير النصوص الرسمية غالبا ( سواء فى مقابر كبار رجال الدولة أو المقابر الملكية أو حتى نصوص المعابد ) إلى وجود صراع أو تنافس سياسي بين ملك سابق و آخر لاحق و أن الإنتقال من عصر إلى آخر كان سلميا و ذلك يرجع لسبب أن الملكية فى مصر القديمة درجت على تغطية نفسها بستار من السرية التامة و القداسة المطلقة فكانت تعتاد على إظهار نفسها فى إطار واجهة مثالية لا يعتريها أى نقص أو عيب ، فإن وجد صراع أو تنافس فى البيت المالك فلا تشير إليه النصوص الرسمية ، و لكننا لا نعتمد فى هذه الحالة على ما ورد فى النصوص و إنما نتجه إلى القرائن الأثرية ( إن وجدت ) التى تشير أحيانا إلى وجود آثار عنف أو كشط لأسماء ملكية أو لأسماء كبار رجال الدولة عند الإنتقال من عصر إلى آخر ، فإن وجدت تلك الشواهد فالأمر هنا يختلف و تصبح النقلة هنا بين العصرين غير سلمية ، و لذلك و نظرا لعدم وجود شواهد عنف على الإطلاق فى الآثار التى تنتمى لنهاية الأسرة الرابعة و بداية الأسرة الخامسة ، فإن الإنتقال بين العصرين كان هادئا و سلميا
فإذا صح ما توصلت إليه هذه الدراسة من نتائج ، فما هى الدوافع التى جعلت ( مانيتون ) ينهى الأسرة الرابعة و يبدأ أسرة جديدة ؟
إنتهج ملوك الأسرة الخامسة خط سياسي و دينى جديد لم يظهر فى عصر الأسرة الرابعة يتمثل فيما يلى :
1 – بناء معابد شمسية كبرى لإله الشمس ( رع ) بتخطيط معمارى مميز و مشابه إلى حد كبير للمجموعة الهرمية و إزدياد الإعتراف بفضل ذلك المعبود من قبل ملوك تلك الأسرة
2 – إفتتاح جبانة ملكية جديدة فى منطقة أبوصير
3 - الظهور الرسمي للعقيدة الأوزيرية و إزدهارها بشكل واضح فى عصر الأسرة الخامسة و لا سيما فى الفترة التى تقع بين عصري ( نفر إير كارع ) ثالث ملوك الأسرة الخامسة و ( نى أوسر رع ) سادس ملوك الأسرة الخامسة ، حيث وجد فى مقابر كبار رجال الدولة إشارات ظهرت للمرة الأولى تؤكد تقديم قرابين للمعبود ( أوزير ) و هو ما لم يكن موجودا فى مقابر الأفراد التى تنتمى لعصر الأسرة الرابعة و بديهى أن الأمراء و الأفراد لن يعتنقوا عقيدة دينية بشكل رسمى دون الإعتراف الملكى لها أولا
4 – ظهر و لأول مرة فيما نعلم حتى الآن أقدم دليل على وجود تمثال للملك ( نفر إير كا رع ) فى الهيئة الأوزيرية الصريحة داخل معبده الجنزى مما يرجح وجود حالات أخرى يحتمل وجودها فى المعابد الجنزية لملوك الأسرة الخامسة و لكنها فقدت عبر الزمن ، و على جانب آخر لا وجود حتى الآن لأى بقايا محتملة لتماثيل ملكية أوزيرية فى المعابد الجنزية لملوك الأسرة الرابعة
5 – ظهور سياسة إصدار مراسيم ملكية طوال عصر الأسرة الخامسة تتعلق بإعفاء بعض معابد الأرباب من التكاليف و الضرائب المفروضة عليهم و هى سياسة لا نجد لها أى إرهاصات أو سوابق قبل تلك الأسرة
6 – شهدت الأسرة الخامسة إتساع و ثراء مادى و أدبى لأهل الطبقة العليا و سمح ملوكها لأتباعهم أن يتولوا مناصب دينية و سياسية هامة بعد أن كانت قاصرة على أبناء الملوك طوال عصر الأسرة الرابعة
و لا يفوتنى فى هذا الصدد أن أوجه التحية للأثاري المحترم دكتور طارق العوضى الذى يرجع إليه الفضل فى إكتشاف كتلتين حجريتين كانتا فى الطريق الصاعد للمجموعة الهرمية للملك ( ساحورع ) ثانى ملوك الأسرة الخامسة فى أبو صير حيث ظهر عليها مناظر هامة صورت أم الملك ( ساحورع ) و هى الأميرة ( نفر حتبس ) و التى كانت تحمل الدم الملكى ، فصورت بكل ألقابها الدالة على صفتها كزوجة رئيسية للملك ( أوسر كاف ) مؤسس الأسرة الخامسة و التى ربما إمتد بها العمر أكثر من إبنها ( ساحورع ) أو أنها ماتت قبله بفترة قصيرة ، و ظهرت فى المناظر بجوار زوجة ( ساحورع ) كما كشف أيضا عن كتلة حجرية أخرى توضح أن ( خنت كاوس ) كانت أما ملكية للملك ( أوسر كاف ) و استدل من هنا على أمر هام : بما أن خنت كاوس كانت زوجة لمنكاورع و بما أن منكاوورع هو إبن لشبسسكاف و بما أنها أخذت لقب أم ملكى مصر العلياو السفلى فذلك يعنى أنها كانت هى من أدارت دفة الأمور السياسية فى البلاد بعد وفاة زوجها منكاورع و بعد وفاة الوريث الشرعى له ( خو إن رع ) فجعلت من نفسها وصية على حكم ابنها الأول شبسسكاف و ربما زوجته من إحدى أميرات البيت المالك و التى تنحدر من خط أمومى يحمل الدم الملكى حتى يحوز على الشرعية السياسية فلما مات ( شبسسكاف ) حافظت على العرش لولدها الثانى ( أوسر كاف ) فزوجته من أميرة ملكية تحمل فى عروقها الدم الملكى و هى ( نفر حتبس ) و بذلك حافظت على العرش داخل الأسرة الملكية مما يعنى وجود تواصل عائلى تاريخى بين الأسرتين الرابعة و الخامسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق